ئاژانسی هەواڵی زاگرۆس

دور القضاء العراقي في ترسيخ حكم المعسكر الإيراني للعراق تحت مجهر المراقبة الأميركية

أعاد مشروع تعديل قانوني يجري الإعداد لتمريره في مجلس النواب الأميركي تسليط الضوء على مثالب مؤسسة القضاء العراقية، وكشف عن انتباه دوائر أميركية لاستخدام المعسكر الإيراني في العراق والمشكّل من أحزاب وفصائل مسلّحة لمؤسسات الدولة في دعم نفوذه وضمان استقراره في الحكم وتوفير الغطاء القانوني لذلك باستخدام قضاء طيّع وتحت الطلب.

وجاء المشروع الذي يعمل النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا مايك والتز على تمريره ويتعلّق بتعديل قانون المخصصات الخارجية الأميركية لتضمينه تصنيف مجلس القضاء الأعلى في العراق ورئيسه فائق زيدان كأصول تسيطر عليها إيران، امتدادا لتصعيد أميركي ضدّ معسكر إيران في العراق بدأته مؤخّرا مرشّحة إدارة الرئيس جو بايدن لشغل منصب سفيرة للولايات المتحدة في العراق تريسي آن جاكوبسون خلفا للسفيرة المنتهية مهامها ألينا رومانوسكي، وذلك بشنّها هجوما لاذعا على إيران وأذرعها في العراق.

وقالت جاكوبسون في كلمة لها أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية إنّ “إيران ممثل خبيث في ‎العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة وندرك أن التهديد الرئيسي للبلد هو الميليشيات المتحالفة مع إيران”. وتوعدت أن تعمل خلال توليها منصبها الجديد بكل الوسائل المتاحة على التصدّي لتهديد الميليشيات وتحجيم النفوذ الإيراني.

ويعكس موقف السفيرة جاكوبسون ومشروع النائب والتز مزاجا عاما تشترك فيه أكثر من جهة ومؤسسة أميركية إزاء استقرار المعسكر الإيراني في حكم العراق من خلال حكومة رئيس الوزراء الحالي محمّد شياع السوداني التي شكلها الإطار التنسيقي المكون من أحزاب وفصائل شيعية مسلّحة مقرّبة من إيران.

وأصبح استقرار هذه الحكومة وما تحققه من نجاحات نسبية في عدّة مجالات بمثابة سلاح ذي حدين في منظور الولايات المتّحدة التي فشلت منذ غزوها للعراق وإطاحتها نظامه السابق في تحقيق المعادلة الصعبة المتمثّلة في إرساء نظام حكم عراقي مستقر وفي نفس الوقت غير تابع لدائرة النفوذ الإيراني في المنطقة.

وتعلن واشنطن باستمرار دعمها لحكومة السوداني، لكن نجاح هذه الحكومة سيكون في النهاية نجاحا لتجربة حكم الأحزاب والميليشيات الشيعية وبالمحصّلة مكسبا لإيران التي لا تبدي تلك القوى أي استعداد لفك الارتباط الوثيق معها.

وتدرك عدّة دوائر أميركية أن مؤسسة القضاء في العراق تستخدم بشكل انتقائي من قبل القوى الأكثر نفوذا في العراق لإضفاء الشرعية على سياساتها من خلال استصدار فتاوى وقرارات لم يحدث أن تعارضت مع مصالح تلك القوى وتوجهاتها، بل على العكس من ذلك ساعدتها في كسب منازعات وربح معارك سياسية ضدّ خصومها. وتحوّل استخدام القضاء العراقي في الخصومات السياسية إلى عامل أكثر ثباتا ووضوحا في عهد حكومة الإطار التنسيقي.

وخلال الفترة الماضية أصدر القضاء العراقي سلسلة طويلة من القرارات حسم من خلالها  معارك لا ينفصل أغلبها عن السياسة وإن اكتسى مظهرا قانونيا خالصا، ومن بينها معركة قوى شيعية وسنية ضد محمدّ الحلبوسي الذي استبعده القضاء من عضوية مجلس النواب وأزاحه بالنتيجة من رئاسة المجلس، ومعركة أحزاب كردية على انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق والتي عدّلت المحكمة الاتحادية قانونها وعدد دوائرها وغيّرت الهيئة المشرفة عليها وقلصت عدد نواب البرلمان الذي سينتج عنها ما أثار احتجاج قوى سياسية كردية رأت في تلك التعديلات انحيازا ضدّه لمصلحة خصومها ومنافسيها المتحالفين مع الأحزاب النافذة في الحكومة الاتّحادية.

وكانت للقضاء العراقي محطات مشهودة في التدخل بالشأن السياسي بما يغلّب أطرافا على أخرى بدءا من فتواه بشأن الكتلة الأكبر في البرلمان والتي تمكن بفضلها نوري المالكي سنة 2010 من الفوز برئاسة الحكومة على حساب منافسه إياد علاوي الذي فاز عليه في الانتخابات التي أجريت في تلك السنة.

ويقول وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري منتقدا قرارات المحكمة الاتحادية إنّ “الوقت حان لتشريع قانون جديد لتشكيل المحكمة وفق ما جاء في الدستور لأنها أصبحت تطغى على القرارات التنفيذية والتشريعية”، متسائلا “أين هو مبدأ الفصل بين السلط”.

وتحذّر شخصيات سياسية عراقية ممّا تسميه تغوّل المحكمة الاتّحادية ذات السلطات الواسعة وصاحبة القرارات غير القابلة للطعن. وترى أنّ مأتى الخطر الكبير هو أن يتمّ اختراق مؤسسة بمثل تلك الصلاحيات من قبل أصحاب النفوذ السياسي، لتتحوّل بذلك إلى سلاح بأيديهم لا يستخدمونه فقط ضدّ خصومهم ومنافسيهم، بل يوظفونه لخدمة محور إقليمي ينتمون إليه بقيادة إيران.

وجاء مشروع التعديل القانوني الأميركي متناغما مع تلك التحذيرات إذ سيفتح الباب في حال تمريره لفرض عقوبات على رئيس أعلى هيئة قضائية في العراق.

وكشف تقرير إخباري أميركي أنّ النائب والتز عضو لجنتي القوات المسلحة والشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي يعتزم تقديم تعديل على مشروع قانون المخصصات الخارجية سيتم بموجبه تصنيف مجلس القضاء الأعلى في العراق ورئيسه فائق زيدان كأصول تسيطر عليها إيران، متوقّعا أن يحظى هذا الإجراء بدعم من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وأوضح التقرير المنشور على موقع واشنطن فري بيكون للصحافة السياسية المحافظة أنّه في حال تبني هذا الإجراء، ستكون هذه المرة الأولى التي يشير فيها الكونغرس وإدارة بايدن بالاسم إلى “القادة العراقيين الذين يمكّنون إيران من السيطرة على حكومة بغداد واستخدام العراق لإشعال الإرهاب”، وذلك بهدف إطلاق “جرس إنذار لحكومة العراق من تحول البلد إلى دولة تابعة لإيران”.

وورد بالتقرير أنّ زيدان ومجلسه القضائي من القوى الرئيسة التي تدفع بمصالح إيران في العراق وتساعد الميليشيات التابعة لطهران على الحصول على موطئ قدم في البلاد. ونقل الموقع عن أعضاء في الكونغرس تعمل على القضية قولهم إنّ مشروع التعديل “هو خطوة أولى نحو عزل أصول إيران في الحكومة العراقية والعودة عن النفوذ المتزايد للنظام الإيراني”.

ورأى والتز أنّ على “النظام الإيراني  أن يفهم أن الكونغرس الأميركي لن يسمح للمرشد الأعلى بتحويل العراق إلى دولة تابعة”، مضيفا “يجب على المتعاطفين مع إيران في العراق مثل فائق زيدان وغيرهم أن يأخذوا ذلك في الاعتبار”. كما لم يجنّب التقرير حكومة بايدن الانتقادات بسبب “تراخيها تجاه استقطاب إيران للقادة العراقيين واستخدامهم لفرض نفوذها في التحالف الحاكم في العراق”، مشيرة إلى أنّ “الولايات المتحدة تعاملت مع حكومة العراق واتبعت سياسات لم تفعل الكثير لإبعاد بغداد عن طهران”.

واستند التقرير إلى تحليل نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في وقت سابق وخلص من خلاله إلى أنّ الفصائل الموالية لإيران حققت من خلال الحرب الناعمة واستخدام النظام القانوني والمحاكم جملة من النجاحات وتوصلت إلى بناء قوة ثلاثية الأضلاع تشمل السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية.

ولعب فائق زيدان بحسب تقرير المعهد دورا أساسيا في هذه الإستراتيجية إذ أنّ قرار المحكمة الاتّحادية لعام 2022 والذي نص على وجوب توفر نصاب ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية “غيّر قواعد اللعبة لتشكيل الحكومة وجعل من المستحيل تشكيل حكومة دون أغلبية ساحقة تضم الميليشيات وكتلة الإطار التنسيقي الشيعي الموالية لطهران”.

وليس الموقف الأميركي السلبي من القضاء العراقي موقفا حزبيا فئويا بل هو موقف مؤسسي للدولة ككل وهو ما تجلّى العام الماضي عندما تراجعت وزارة العدل الأميركية عن استقبال زيدان وألغت الزيارة بعد أن كان موعدها قد تحدّد في العاشر من أكتوبر 2023 “لصلته بالحرس الثوري الإيراني وإصداره مذكرة قبض بحق الرئيس السابق للولايات المتحدة”، دونالد ترامب لتوجيهه الأمر بقتل القيادي الكبير في الحرس قاسم سليماني ومعاونه العراقي أبومهدي المهندس بضربة جوية قرب مطار بغداد الدولي.

ومثّل استهداف مجلس القضاء الأعلى ورئيسه بمشروع التعديل الأميركي ضغطا على عصب حساس للقوى العراقية الموالية لإيران والتي تدرك جيدا أهمية الإمساك بزمام السلطة القضائية. وتجلّى ذلك في الردود الغاضبة من قبل الإطار التنسيقي الشيعي وحكومته.

ورفضت وزارة الخارجية العراقية تصريحات والتز ضدّ زيدان وقالت في بيان إنّها تمثّل “تدخلا سافرا في الشأن الداخلي العراقي.. ومحاولة للتأثير على السلطة القضائية ومساس بأهم مقومات كيان الدولة”. ووصف وزير التخطيط في حكومة السوداني محمد علي تميم خطوة النائب الأميركي بأنّها محاولة للنيل من “ركيزة أساسية من ركائز الاستقرار وضمان العدالة في العراق ورمز من رموز سيادة البلد”.

واعتبر رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي التوجه لتصنيف زيدان ومجلس القضاء الأعلى من قبل واشنطن أصولا أجنبية سابقة خطرة وطالب وزارة الخارجية العراقية “بالتحرك عبر وسائلها الدبلوماسية وإيصال رسالة مباشرة برفض العراق بجميع سلطاته لمثل تلك التدخلات المسيئة”.

 

العرب

هەواڵی پەیوەندیدار

ملياردير صيني يشتري “موزة” بستة ملايين دولار

کەریم

تهنئة الرئيس نيجيرفان بارزاني في ذكرى الانتفاضة

کەریم

فوضى السلاح في العراق تتخطى محاولات ضبطها وتواصل حصد الأرواح

کەریم