يثير ملف حل قوات الحشد الشعبي جدلا واسعا على الساحة العراقية في أعقاب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024.
ويجري الحديث محليا عن وجود إرادة دولية لحل الفصائل المسلحة التي تستهدف إسرائيل والمصالح الأميركية في العراق والمنطقة وتدمير أسلحتها، ولم يقتصر الحديث عن ذلك على صفحات التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية، فقد تبعتها تصريحات كشف فيها مستشار رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الصميدعي في برنامج “من الأخير” على قناة السومرية العراقية في الـ 17 من ديسمبر الحالي، عن “طلب لتفكيك سلاح الفصائل وإن لم نستجب سيفرض عليها بالقوة. ”
وأوضح الصميدعي أن الحشد الشعبي مؤسسة رسمية ولكن هناك فصائل منضوية تحت غطاء الحشد وهذا ما يثير الشكوك عند الغرب وأميركا ولذلك يطالبون بحل الحشد وإنهاء نظام الدولة والدولة الرديفة.
ويقول الباحث في الشأن السياسي، عبد القادر النايل لـ”الحرة”، إن “الحشد الشعبي تأسس من مجموعة مليشيات وفصائل ترتبط عقائديا ودينيا بالمرشد الإيراني علي خامنئي، وأصبحت أحد أوراق إيران التوسعية التي استخدمتها في تنفيذ اغتيالات بحق متظاهري تشرين، وكذلك للقتال في الساحات الإيرانية في سوريا ولبنان واليمن”.
ويرى النايل أن تورط الحشد في جملة من الانتهاكات والهجمات التي استهدفت العراق ومحيطه وتهديد البعثات الدبلوماسية في العراق وقواعد التحالف الدولي، دفعت العراقيين بجميع مكوناتهم إلى النظر إلى تفكيك هذه الفصائل وحل الحشد الشعبي كضرورة وطنية عراقية وحاجة إنسانية لإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان والحريات، لاسيما بعد اعتدائهم على المطاعم في بغداد وقصف أربيل.
ولإيجاد حل جذري لهذه المشكلة، يرى النايل “الحل المناسب هو تحويل عناصر الحشد إلى مديرية حماية المنشآت التابعة لوزارة الداخلية وتوزيع العناصر كل حسب محافظته ومسقط رأسه واستلام سلاحهم الثقيل من قبل وزارة الدفاع”، مؤكدا على ضرورة دخول الجيش العراقي لجرف الصخر وتفكيك هذه القاعدة العسكرية وإرجاع النازحين إليها، مع استلام الجيش أيضا لمعكسر “مجاهدي خلق” في ديالى التي تتخذه معسكرا آخرا واستلام الحدود العراقية منهم.
وتشكلت قوات الحشد الشعبي منتصف عام 2014 استجابة لفتوى المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، الذي دعا إلى التطوع للانخراط في القوات الأمنية بهدف الدفاع عن العراق ضد هجوم تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان قد سيطر على محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وأجزاء من محافظة كركوك شمال وغرب البلاد، واقتراب التنظيم بعدها من تخوم العاصمة بغداد.
وتشكلت في بادئ الأمر أفواج من المتطوعين باسم الحشد الشعبي واعتبارهم قوات رديفة ومساندة للقوات الأمنية، وتشكيل مديرية الحشد الشعبي التي تحولت فيما بعد إلى هيئة مستقلة.
وصادق مجلس النواب العراقي في نوفمبر عام 2016 على قانون دمج الحشد الشعبي بالقوات المسلحة لتصبح جزءا من الجيش العراقي رسميا، وإضفاء صيغة قانونية على وضع تلك القوات، وينص القانون على تحويل هيئة الحشد الشعبي والقوات التابعة لها تشكيلا يتمتع بالشخصية المعنوية، ويعد جزءا من القوات المسلحة العراقية ويرتبط بالقائد العام لتلك القوات.
من جانبه، كشف جمال كوجر، عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، في تصريح لموقع الحرة أن أعداد تلك القوات في موازنة العام الماضي بلغت ٢٣٨٠٧٥ فردا، فيما كانت موازنتهم المالية التخطيطية تساوي (٣.٧٤٣) ترليون دينار، أما موازنة التخطيطية لسنة 2024 تساوي ( ٤.٥٥٦) ترليون دينار عراقي.
لكن الدكتور أمير الساعدي، الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، يرى أن “متى ما استطاعت القوى المحلية والإقليمية والدولية أن تحيد سلاح حزب الله، عند ذاك ممكن أن نقول أنها ستستطيع أن تحيد فصائل المقاومة العراقية، وكذلك الأمر مع فصائل الحشد الشعبي القانونية ضمن منظومة الدفاع الوطني العراقي”.
ونفى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني وجود مطالبات بحل الحشد الشعبي، وأكد في مقابلة مع التلفزيون الحكومي بأنه من غير المقبول توجيه اشتراطات وإملاءات من أي جهة واعتبر الحديث عن هذا الأمر بأنه من باب الخيال والاجتهادات ممن لديه موقف من العملية السياسية واستغلال أي حدث وتسويقه بشكل خاطئ.
من جهته، أوضح ياسر إسكندر عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي لـ الحرة “أن النظام في العراق قائم على قوانين صُوت عليها داخل قبة البرلمان واكتسبت الشرعية، وإذا كانت هناك مطالب شعبية بحل هيئة الحشد الشعبي فسيعرض ذلك على البرلمان ليتم التصويت عليه”.
وأوقفت الفصائل المسلحة التي تطلق على نفسها تسمية المقاومة، مؤخرا هجماتها على إسرائيل والمصالح الأجنبية في العراق والمنطقة بشكل تام وأعلنت عن ذلك بشكل رسمي. وأعلنت آخر هجماتها على الأراضي الإسرائيلية في الـ 23 من نوفمبر الماضي.
ويعتبر المحلل السياسي الناصر دريد حديث لموقع الـ “الحرة” الحديث عن حل الحشد الشعبي بالإشاعة، مضيفا “هذه إشاعة انطلقت للتعبير عن رغبة جماهيرية حقيقية دفينة موجودة عند العراقيين بإنهاء ملف الحشد الشعبي والفصائل المسلحة، وبدلا أن تكون مطالبة شعبية واضحة ومباشرة بإنهاء هذا الملف ألبست هذه الرغبة بأنها رغبة دولية”.