تتوقّع السلطات العراقية حدوث انفراجة وشيكة في مشكلة المياه العويصة التي بدأت خلال السنوات الأخيرة تواجه العراق بشكل غير مسبوق بسبب التغيرات المناخية وأيضا بسبب تصرف الجارتين إيران وتركيا في مياه الروافد المتجهة من أراضيهما صوب الأراضي العراقية وأهمها على الإطلاق نهرا دجلة والفرات اللذان ينبعان في تركيا وكثفت الأخيرة من إقامة السدود عليهما بما أثّر على حصة العراق من مياههما.
وبدأت مشكلة المياه تخلّف آثارا بيئية واقتصادية وحتى سكانية واجتماعية في البلد الذي بات يواجه مشكلة في توفير المياه النظيفة للشرب وري المزروعات، الأمر الذي جعل مجموعات سكانية تهجر مناطقها الزراعية الأصلية وتنزح نحو المدن محدثة المزيد من الضغوط على سوق العمل فيها وعلى الخدمات المقدّمة من الدولة لسكانها.
وتعد تركيا طرفا مباشرا في أزمة المياه في العراق، وبالتالي طرفا أساسيا في حلّها.
وعرفت العلاقات بين أنقرة وبغداد في الفترة الأخيرة تطورات ملحوظة أساسها تفاهمات بشأن تطوير التعاون الاقتصادي والشراكة في مشروع تنموي كبير يتمثّل في إقامة طريق طويلة تحت مسمى طريق التنمية تتضمن أيضا سكة حديد وتمتد من الساحل العراقي المطل على مياه الخليج إلى الأراضي التركية لتصل لاحقا إلى الساحل التركي المطل على المتوسط.
لكن أكبر تطور في علاقة الطرفين تمثّل في حالة الوفاق بينهما بشأن مواجهة نشاط حزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا ضد القوات العراقية متواصلة منذ أربعة عقود تدور بشكل أساسي داخل أراضي الشمال العراقي.
ووافق العراق مؤخرا على تصنيف الحزب تنظيما محظورا، فيما تأمل تركيا أن تستكمل بغداد خطوتها وتعلنه تنظيما إرهابيا.
وتبدو حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستعدة لتقديم “مقابل” لتعاون السلطات العراقية معها ضد الحزب يشمل إلى جانب التعاون الاقتصادي مساعدتها على حلحلة معضلة المياه.
وفي بوادر على تسجيل قدر من الليونة في موقف أنقرة من قضية المياه أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية، الأحد، الاتفاق على ثبات الإيرادات العابرة من تركيا بمعدل 500 متر مكعب في الثانية، مشيرة إلى أن الإيرادات المائية في نهر الفرات تحسنت بشكل كبير.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن مدير عام الهيئة العامة لمشاريع الري والاستصلاح والمتحدث الرسمي باسم الوزارة خالد شمال قوله “إن العلاقات العراقية – السورية في مجال إدارة المياه مستمرة منذ سنوات طويلة”، مبينا أن “هناك بروتوكولا موقعا بين البلدين ينص على اقتسام مياه نهر الفرات بين العراق وسوريا.”
وأضاف أن “هناك اتفاقا آخر عراقيا – تركيا – سوريا يؤكد على ثبات الإيرادات المائية العابرة للحدود التركية – السورية”، لافتا إلى أنه “كانت هناك بعض الإشكاليات على سد تشرين (السوري) حيث توجه كادر فني متخصص من سد الطبقة إلى سد تشرين وقام بالإجراءات المناسبة لضمان أمان السد.”
وتابع أن “الإيرادات المائية حاليا في نهر الفرات تحسنت بشكل كبير بمعدلات تزيد على 400 متر مكعب في الثانية، حيث تقوم الوزارة بتخزين المياه في سد حديثة وعمود النهر لتغذية محافظات الفرات الأوسط.”