شارك نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كوردستان صباح اليوم (السبت 22 شباط2025)، في مؤتمر الحوار الدولي الذي اقيم في بغداد وبحضور كل من محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق الاتحادي ومحمد الحسان الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة وعدد من كبار المسؤولين في العراق والسفراء والدبلوماسيين الأجانب.
وقد قدم الرئيس نيجيرفان بارزاني في المؤتمر كلمة، فيما يلي نصها:
دولة محمد شياع السوداني رئيس مجلس وزراء العراق الاتحادي،
الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يسرني أن أشارك في مؤتمر بغداد للحوار الدولي في دورته السابعة. هذا المؤتمر الذي يعكس رؤية العراق للانفتاح والتكامل الإقليمي، والتزام العراق بالعمل المشترك من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة.
السادة الكرام،
يمر العراق والمنطقة بمرحلة من التغيير الاستراتيجي العميق الذي يتطلب التعاون والشراكة، وليس الصراع والتعقيدات. من هذا المنطلق، يأتي مشروع طريق التنمية كمبادرة وخطوة تاريخية لبناء عراق أكثر استقراراً وازدهاراً، على أساس اقتصاد متنوع، والانفتاح الإقليمي والتكامل مع دول الجوار.
إننا في إقليم كوردستان، نؤمن دائماً بأن الاستقرار السياسي والاقتصادي للعراق بأكمله هو مصلحة وطنية مشتركة، وأن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق بدون التكامل بين بغداد وأربيل، وكذلك بين العراق ومحيطه من دول المنطقة والعالم.
من هذا المنطلق، نؤكد دعمنا الكامل لهذا المشروع الكبير ونتطلع إلى أن يصبح نموذجاً للتعاون البناء بين جميع مناطق ومكونات البلاد، من زاخو إلى الفاو، وكذلك بين العراق وشركائه الإقليميين والدوليين.
إن العراق، بموقعه الجغرافي الاستراتيجي وثرائه بثرواته الطبيعية والبشرية، يتمتع بفرصة كبيرة تؤهله ليصبح مركزاً اقتصادياً نشطاً وكبيراً في المنطقة، وجسراً مهماً يربط الخليج بأوروبا، والشرق بالغرب، لكن النجاح في ذلك يتطلب توفر عدة أسس رئيسة، منها:
– وجود إطار قانوني واقتصادي متين ودائم يشجع الاستثمار المحلي والأجنبي باستمرار ويوفر بيئة محفزة وجاذبة للاستثمار.
– حوار سياسي مسؤول بين الأطراف السياسية ومكونات العراق يقوم على أساس الشراكة الحقيقية والتفاهم والاتفاق لحل مشاكل البلاد بروح ورؤية وطنية، وتعزيز المؤسسات الدستورية وترسيخ النظام الفيدرالي بالكامل.
– استراتيجية أمنية متينة لضمان استقرار دائم يمنح المستثمرين الثقة والطمأنينة ويمكّن من تنفيذ المشاريع الكبرى في مختلف مجالات البنية التحتية في جميع القطاعات.
كذلك من المهم والضروري أيضاً أن يصبح مشروع طريق التنمية مشروعاً وطنياً عراقياً يربط جميع مناطق وأماكن ومكونات العراق معاً. فيكون جامعاً للكل بدون تمييز، ونموذجاً للشراكة الحقيقية بين العراقيين من كل القوميات والأديان والمذاهب وفي كل مكان من البلاد. ليكون سبباً في التنمية الاقتصادية للعراق بأكمله.
إن تنوع المجتمع العراقي هو قوة وثروة. يستطيع العراق أن يجعل من هذا المشروع فرصة لتجاوز كل الاختلافات القومية والدينية والمذهبية. فيجعله قوة كبيرة لكل العراق تعزز مكانة البلاد اقتصادياً وسياسياً واستراتيجياً. كما أنه خطوة صحيحة نحو بناء مستقبل أكثر إشراقاً للعراق.
لذلك فإن دعمنا في إقليم كوردستان لهذا المشروع ليس من منظور اقتصادي فحسب، بل من منظور استراتيجي، لأنه في نظرنا خطوة نحو تعزيز مفهوم (العراق كدولة فاعلة) في الأمن والاستقرار الداخلي والإقليمي وقوة اقتصادية مؤثرة في الشرق الأوسط، ويمكن أن يصبح في المستقبل قوة اقتصادية عالمية.
الحضور الكرام..
لقد تعلمنا من ماضي العراق أن التنمية والتقدم لا يتحققان في بيئة غير مستقرة، ولا يمكن فصل استقرار العراق عن استقرار المنطقة، لذا يجب أن يكون تعاملنا ورؤيتنا للتغيرات الجيوسياسية على أساس التوازن والاعتدال والتعاون والمصالح المشتركة.
لذلك نؤكد على أهمية استمرار نهج الدبلوماسية الفعالة الذي تتبعه الحكومة العراقية لتعزيز علاقاتها. وأود هنا أن أجدد شكري لدولة رئيس الوزراء السوداني على جهوده وخطواته في هذا السياق. لقد أثبت هذا أن العراق يمكن أن يكون جسراً للحوار، وليس ساحة للصراع.
صحيح أن هناك تحديات، ولكن العراق في نفس الوقت فان العراق، بثرواته البشرية والطبيعية، مليء بالفرص أيضاً. إن نجاحنا يعتمد على قدرتنا في إدارة التعددية والتنوع، وتعزيز روح الشراكة، وإرساء أسس الحكم الرشيد وترسيخ الاستقرار السياسي والاقتصادي. نحتاج إلى خطط دائمة وإرادة سياسية جادة وشراكة استراتيجية حكيمة، وهذا المؤتمر خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
أشكر جزيل الشكر المعهد العراقي على تنظيم هذا المؤتمر وأتمنى النجاح لأعماله. آمل أن يخرج بتوصيات مثمرة تساعد في وضع خارطة طريق واضحة لمستقبل أكثر إشراقاً للعراق.
شكراً جزيلاً لكم.
أرجو لكم يوماً طيباً..