في خطوة غير مسبوقة، لجأ عدد من المواطنين العراقيين إلى القضاء للمطالبة بحصتهم من عائدات النفط، مما أثار تفاعلًا كبيرًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وفتح ملف توزيع الثروة الوطنية، ليعيد النقاش حول العلاقة بين النصوص الدستورية والواقع الاقتصادي في بلد يعتمد على النفط كمصدر وحيد للموازنة العامة.
خلال الأيام الماضية، قدم العديد من المواطنين العراقيين دعاوى قضائية أمام المحاكم للمطالبة بنصيبهم من عائدات النفط استنادًا إلى الدستور، الذي يعتبر الموارد الطبيعية ملكًا للمواطنين.
محمد نوري، البالغ من العمر 35 عامًا والمقيم في بغداد، طالب بحصته من عائدات النفط، قائلاً: «هذه الخطوة جاءت بعد شعور عميق بأن الثروة الوطنية لا تُدار لصالح المواطنين، بل تُستحوذ عليها جهات معينة، في وقت يعاني فيه ملايين العراقيين من الفقر وصعوبة المعيشة».
وفي حديث صحفي، قال نوري: «بحسب الدستور، فإن عائدات النفط ملك للمواطنين، وإذا لم تتمكن الدولة من توزيع هذه العائدات بشكل عادل عبر تقديم الخدمات وتوفير فرص العمل، فيجب اللجوء إلى التعويضات المالية المباشرة باعتبارها حقًا قانونيًا، وليس مجرد صدقة أو مساعدة».
من جهته، يرى ناشط في مجال حقوق الإنسان أن لجوء المواطنين إلى القضاء للمطالبة بحصة من عائدات النفط يعكس شعورًا عامًا بالتهميش والرفض الصريح للواقع الاقتصادي.
وفي سياق متصل، صرح أنور الخفاجي قائلاً: «الأسباب التي تدفع العراقيين إلى هذا المسار القانوني ترتبط بسوء توزيع الثروة وانتشار الفساد المالي والإداري، وسوء الخدمات الأساسية، إضافة إلى الفجوات الطبقية الواضحة. هذه المطالب مشروعة ومنطقية».
2000 دولار سنويًا لكل مواطن
يوضح الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن عائدات النفط لعام 2024 بلغت نحو 90 مليار دولار، وباحتساب عدد سكان العراق البالغ 46 مليون نسمة، فإن الحصة النظرية السنوية لكل مواطن تصل إلى قرابة 2000 دولار.
ويرى القانونيون أن الدستور العراقي يشير بوضوح إلى أن النفط والغاز ملك لجميع أبناء الشعب العراقي، بشرط توزيع العائدات بشكل عادل لتحقيق التوازن والتنمية، وفق المبادئ الدستورية.
ويشير الخبراء إلى أن هذه النصوص الدستورية تتضمن مبدأ الملكية العامة للثروة، لكن لا يوجد شرط صريح بتوزيع الأموال بشكل نقدي مباشر على الأفراد، بل يجب على الحكومة أن توزعها عبر تنفيذ المشاريع العامة، وتقديم الخدمات، وخلق فرص العمل، وضمان التوزيع العادل للثروات داخل المجتمع.