كشفت السفيرة الألمانية في بغداد، كريستيانا هومان، أخيراً، تعرّض شركات بلادها المستثمرة داخل العراق للابتزاز ومحاولات الحصول على “إتاوات”، مؤكدة أن ذلك وجه من الفساد، وله تأثيرات سلبية في الواقع الاستثماري في البلاد.
وتراجعت في السنوات الأخيرة عمليات الابتزاز التي تعرضت لها شركات أجنبية استثمارية في العراق، عما كانت عليه قبل عام 2021، إذ اضطرت قبل ذلك الوقت شركات كثيرة إلى وقف أعمالها أو تسليمها لشركات ثانوية أخرى في مناطق عدة من البلاد، بسبب مشاكل مختلفة، أبرزها مضايقات جهات قبلية وعشائرية أو فصائل مسلحة للحصول على مكاسب مادية عبر إجبار الشركات على دفع إتاوات أو توظيف نسبة معينة لديها من أبناء المنطقة.
وتبذل الحكومة العراقية الحالية، جهوداً كبيرة لتأمين بيئة استثمارية آمنة وجيدة في البلاد، ولا سيما أنها تولي ملف الخدمات وتطوير البنى التحتية أولوية قصوى ضمن خططها.
تحذيرات من الغرفة
من جهتها، حذرت غرفة تجارة بغداد، من عودة عمليات الابتزاز وخطورتها على الواقع الاستثماري في البلاد. وقال عضو الغرفة، حارث العباسي، إن “ما تحدثت به السفيرة الألمانية أمر خطير للغاية. الواقع الاستثماري في العراق في الفترة الأخيرة جيد قياساً بالسنوات السابقة، وأن أي مشاكل أمنية وعمليات ابتزاز ستكون لها تأثيرات خطيرة جداً في الخطط الحكومية الاستثمارية”.
وأضاف العباسي في حديثه، لصحيفة “العربي الجديد”، أن “الحكومة وضعت خطة متكاملة لتأمين عمل تلك الشركات، وأن الخطة أثبتت نجاحاً، لذا يجب الحفاظ على ذلك النجاح”، مشدداً على “ضرورة متابعة المعلومات التي تحدثت بها السفيرة، وكشف تلك الجهات التي تحاول تهديد المستثمرين للحصول على إتاوات وما إذا كانت جهات مليشياوية أو أحزاباً متنفذة أو غيرها، ومحاسبتها قانونياً”.
وأشار إلى “ضرورة أن تكون هناك خطط بعيدة المدى للحفاظ على البيئة الاستثمارية، وأن يكون هناك تنسيق بين الجهات الرقابية والقضائية والأمنية، إذ إن ملف الاستثمار هو اليوم من أساسيات العمل الحكومي”. وتعمل في العراق الآلاف من الشركات الاستثمارية في قطاعات مختلفة، وتسعى حكومة محمد شياع السوداني لجذب استثمارات جديدة، لذا اتجهت للتعاقد مع شركات رصينة، في مسعى منها لتنشيط القطاع الاقتصادي في البلاد الذي تراجع في الفترات الماضية.
إتاوات على مستثمرين ألمان
في قناة تلفزيونية عراقية، مساء الجمعة الماضي، قالت السفيرة الألمانية في بغداد كريستيانا هومان، إن “مستثمرين ألماناً طُلب منهم نوع من الإتاوات في العراق”، مؤكدة أن “المستثمرين لم يدفعوا الإتاوات، لأن هذا الأمر غير قانوني بالنسبة إلينا، وأنهم إذا دفعوا فإنهم سيمثلون أمام القضاء في ألمانيا”.
وأشارت إلى أنه “بالنتيجة فإن تلك الإتاوات تؤثر بالاستثمارات في العراق، كما من المحتمل أن تنسحب الشركات المستثمرة من العراق”. ورفضت السفيرة الكشف عن الجهات التي طلبت إتاوات من المستثمرين، مؤكدة أنه “بما أن القضية لا تزال سارية، فلا أستطيع الكشف عن التفاصيل”. وأضافت أن “الأمر يتعلق بالعديد من المشاكل، والإتاوات شملت عقوداً مختلفة قديمة وجديدة”، مشددة على أنه “يجب التصدي للأمر الذي يمثل فساداً”.
عقود حكومية
يعوّل العراق كثيراً على الشركات الاستثمارية الألمانية، بخاصة في مجالي الكهرباء والصحة، وكان رئيس الوزراء العراقي، قد وقّع مطلع العام الماضي 2023 في أثناء زيارته لألمانيا عقداً مع شركة سيمنز الألمانية، لتطوير قطاع الكهرباء، وتعمل الشركة على وضع خطة متكاملة لمنظومة الكهرباء العراقية بشكل عام، تتضمن حلولاً للمشاكل.
وتتولى الشركة إنشاء محطات توليد جديدة، والاستفادة من الغاز المصاحب في دعم وزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية، فضلاً عن تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، وهي الطاقة الشمسية وحركة الرياح، وإنشاء محطات تحويل في عموم مناطق العراق، إلى جانب تطوير وتأهيل كوادر وزارة الكهرباء ونقل الخبرات.
ولم تكشف الجهات الحكومية العراقية عن تفاصيل عمليات الابتزاز تلك، كذلك فإن الجهات القضائية المعنية بقضايا الفساد، ومنها هيئة النزاهة، لم تكشف عمّا إذا كانت قد تلقت بلاغاً من السفارة الألمانية بشأن عمليات الابتزاز أو لا.