أثار المحلل السياسي العراقي بشير الحجيمي موجة جدل واسعة في البلاد بعد تصريحاته في أحد البرامج التلفزيونية التي قال فيها إن “النجف فيها أعلى نسبة من المثلية والشذوذ الجنسي”. واعتبر البعض تصريحاته مسيئة للنجف وتحمل حساسية في مجتمع محافظ مثل العراق، في ما انتقد البعض على مواقع التواصل الاجتماعي الإجراءات التي اتخذت بحقه بدلا من التحقق من صحة تصريحاته وكشف التجاوزات التي تحدث في المحافظة تحت أنظار المعممين وأحيانا بمباركتهم مع تغافل المسؤولين.
ووجه مدعي عام محافظة النجف الثلاثاء، باتخاذ الإجراءات القانونية بشأن شكوى تقدم بها النائب هادي السلامي ضد المحلل السياسي بشير الحجيمي.
وفي كتاب موجه إلى محكمة تحقيق النجف طلب المدعي العام سعد عبار باتخاذ الإجراءات القانونية بحق الحجيمي. وجاء في الشكوى التي تقدم بها النائب السلامي؛ أنه “ظهر الناشط بشير غالب عبدالكاظم على قناة الرشيد الفضائية وهو يطعن بقدسية مدينة النجف الأشرف مدعيا أنها مدينة المثليين والشواذ جنسيا”.
وأشار السلامي في شكواه؛ إلى أن “أبناء محافظة النجف وسبعة آلاف محام أصابهم الحيف والألم من جراء هذا الكلام الذي لا يمت إلى الحقيقة والواقع بصلة وأصابني وكافة زملائي المحامين بالنجف وأبناء المحافظة عموما، وعليه أطلب تدوين أقوالي بصفة مشتكيا واتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق المشكو منه بشير غالب عبدالكاظم”.
لكن العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وجدوا في تصريحاته بعض الحقيقية وأثاروا قضايا مسكوتا عنها، مطالبين النائب الذي قدم شكوى بحق الحجيمي برؤية أوسع ومحاسبة المنتهكين لحرمة مقابر النجف.
ووجد آخرون أن السلطات تتعامل بازدواجية معايير ولا تطبق المحظورات الإعلامية على رجال الدين، وقال أحدهم:
وردا على تصريحات الحجيمي جددت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية الثلاثاء منعه من الظهور في القنوات الفضائية لمدة ستة أشهر.
وبحسب وثيقة للهيئة فإنه “استناداً إلى الصلاحيات المخولة لدينا بموجب الأمر 65 لسنة 2004 النافذ، ونظرا لاستمرار بشير الحجيمي بطرح مضامين في وسائل الإعلام تخالف لائحة البث الإعلامي وتحديداً الباب الثاني/ المادة 2 بشأن اللياقة والآداب والذوق العام. والباب الثاني/ المادة 3 الذي يتعلق بالمواد الكاذبة والباطلة”.
وأضافت “على الرغم من قيام هيئتنا بمنع ظهوره لمدة شهرين بموجب كتابنا المؤرخ في الثاني عشر من شهر مايو الماضي من أجل منحه فرصة كافية لمراجعة أدائه الإعلامي، إلا أن المومأ إليه لم يغير من خطابه ومن أجل منع تضليل الرأي العام بالمعلومات الكاذبة والحفاظ على الذائقة العامة من تلقي مفردات نابية، تقرر منع ظهوره واستضافته في القنوات الفضائية لمدة ستة أشهر”.
وكان الحجيمي قد قال في تصريح متلفز مساء الاثنين بأن “المثلية في النجف هي من أكثر المدن انتشاراً”، ثم كرر كلامه بالتأكيد على أن “النجف فيها أعلى نسبة من المثلية والشذوذ الجنسي” وأضاف “أتحمل مسؤولية كلامي.. علي بن أبي طالب بريء مما يدعون به وبريء من الذين يشرعون زواج القاصرات”. وتابع “اسأل علي بن أبي طالب إذا كان يقبل بذلك”.
ويدفع رجال الدين باتجاه إقرار قانون قدسية النجف ويرفضون أيّ انتقاد أو تناول يظهر المحافظة بطريقة “غير لائقة”، ففي وقت سابق أكد إمام وخطيب جمعة النجف صدرالدين القبانجي، السلطات المحلية بالمحافظة على تفعيل قدسية المحافظة قانونياً ودستورياً مع الدعوة على الرقابة الجادة على المنتج الدرامي المعروض على القنوات الفضائية.
وقال في تعليق له على قدسية المحافظة والشعائر الحسينية، “برزت في الآونة الأخيرة ظواهر تسيء للشعائر الحسينية وتسيء لقدسية النجف الأشرف وهذا أمر مرفوض حيث لا تتناسب مع الشعائر الحسينية”. وأضاف “نحن لا نقبل أيّ برنامج مستورد من جهات غير دينية، ونطالب الإدارة المحلية ومجلس المحافظة بالحرص على قدسية النجف الأشرف والإسراع بتشريع قانون قدسية النجف الأشرف”.
ووجه القبانجي لوما للدراما العراقية في شهر رمضان قائلا “العتب على قنواتنا الإعلامية حيث أن بعض البرامج التي بثت خلال شهر رمضان كانت برامج فاسدة ضد قيمنا الدينية، ونحن نطالب الجهات الإعلامية المسؤولة عن مراقبة ما ينشر في قنواتنا الفضائية، ولا بد من رقابة جادة للمنتوج الإعلامي حيث أن هناك أيادي خفية غير نظيفة تساعد على إنتاج البرامج المبتذلة”.
يذكر أنه في أبريل الماضي اعتمد البرلمان العراقي قانونا يدين العلاقات المثلية والتحول الجنسي بخفض العقوبة من الإعدام في قانون النسخة الأولى إلى 15 عاما في نسخة القانون الجديدة.
وردا على ذلك، انتقدت منظمة العفو الدولية “انتهاك حقوق الإنسان الأساسية”، معتبرة أن التعديلات التي تم اعتمادها “تشكل خطراً على العراقيين الذين يتعرضون بالفعل للمضايقات بشكل يومي”، في بلد محافظ تمارس فيه أقليات جنسية حياتها خفية.
وأُقر هذا النص الذي يمثل تعديلا لقانون مكافحة البغاء للعام 1988، خلال جلسة حضرها 170 نائبا من أصل 329، وفقا لبيان أصدرته الدائرة الإعلامية للبرلمان.
إذ تنص الأحكام الجديدة على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 10 و15 عاما بالنسبة إلى العلاقات المثلية، فضلا عن تبادل الزوجات، كما يحظر القانون “نشاط أيّ منظمة تروج للبغاء والمثلية الجنسية في العراق”، ويعاقب عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة “الترويج” للعلاقات المثلية.
وإلى ذلك، يمنع “تغيير الجنس البيولوجي للشخص بناء على الرغبات والميول الشخصية” تحت طائلة تعريض كل من غير جنسه وأيّ طبيب أجرى العملية لعقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات. وتطبق عقوبة مماثلة على أيّ رجل يمارس التخنث بشكل مقصود أو يروّج له.