تعكس رسالة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى الرئيس الأميركي جو بايدن ودول الاتحاد الأوروبي -على خلفية حلول ذكرى السابع من أكتوبر- تخوّفه من وصول الحرب إلى العراق الذي يعيش تحت سيطرة الميليشيات الموالية لطهران التي انخرطت في الصراع منذ أشهر بتوجيه ضربات إلى إسرائيل مهددة بإشعال أزمة طاقة في العالم إذا تم استهداف إيران.
وتتزايد مخاوف السوداني بالتزامن مع حياد الرئيس السوري بشار الأسد ورغبته في ألا تكون دمشق طرفا فاعلا أو عازلا يعيق انتقال الحرب إلى بغداد ثم طهران.
وقال رئيس الوزراء العراقي في بيان “في ظلّ التداعيات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، نوجّه رسالتنا إلى كلّ الأصدقاء، وبالخصوص الرئيس الأميركي جو بايدن، ودول الاتحاد الأوروبي، بأننا نقف على أعتاب منزلق خطير قد يجرّ المنطقة والعالم إلى حروب مستمرة، ويهزّ الاقتصاد العالمي”.
وأكّد أن المنطقة “تمثل الرئة التي يتنفس منها العالم بالطاقة”، مطالبا بـ”مضاعفة الجهود” من أجل “إنقاذ المنطقة من شرور حرب لا تُبقي ولا تذر”.
والخميس توعد المتحدث باسم كتائب حزب الله العراقي أبوعلي العسكري بأن “يخسر العالم 12 مليون برميل نفط يوميا” في حال “بدأت حرب الطاقة”.
وتوعّدت الهيئة التنسيقية لـ”المقاومة العراقية” بأن تكون “جميع القواعد والمصالح الأميركية في العراق والمنطقة هدفا” لها في حال الهجوم على إيران.
ودعا الأمين العام لكتائب حزب الله العراقي أبوحسين الحميداوي، الاثنين، فصائل المقاومة الإسلامية إلى الاستعداد لاحتمال توسع الحرب مع إسرائيل والاستمرار في ضربها ضربات مركزة وفتح جبهات جديدة من عمليات استنزافها.
ويعرف السوداني أن إسرائيل تعمل على تفكيك المجموعات المسلحة المعادية لها، وكما فعلت مع حماس وحزب الله ستوسع نشاطها إلى ضرب الحوثيين بتكثيف أكبر وأكثر فاعلية بهدف تصفية القادة العسكريين والسياسيين، ثم إلى العراق لملاحقة زعماء الميليشيات ومواقع نفوذها وشبكات تهريب الأسلحة عبر سوريا إلى حزب الله.
ويبذل رئيس الوزراء العراقي ما في وسعه لإظهار أنه حليف للولايات المتحدة ومتعاون معها على السعي للحد من نفوذ إيران المتنامي، ماليا واقتصاديا، لكن ذلك لا يمنع إسرائيل من أن تعتبر العراق هدفا لضرباتها بعد الانتهاء من مهمة تفكيك حزب الله وإضعاف قدراته العسكرية وقطع شبكات الدعم والتمويل الآتية من إيران والعراق عبر سوريا.
وإذا تقلصت قدرات حزب الله سيجد العراق نفسه وجها لوجه مع إسرائيل بعد أن أظهر الرئيس السوري أنه لا يريد حربا جديدة على أراضيه في الوقت الذي يسعى فيه لتأهيل نفسه دوليّا.
ورغم تتالي القصف والضربات الإسرائيلية في مناطق مختلفة من الأراضي السورية، تكتفي دمشق دائما ببيانات باردة ومقتضبة عن تصدي الدفاعات السورية لـ”أهداف معادية”، ما يكشف عن حياد واضح في الصراع بين إيران وأذرعها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
ويثير تصعيد الميليشيات العراقية باستهداف مواقع إسرائيلية مخاوف العراقيين أيضا من امتداد الصراع إلى بلادهم وتأثيره على كامل المنطقة.
وقال علي سهيل من مدينة كركوك إن “منطقة الشرق الأوسط بدأت تدخل في فوضى، والدول تنجر إلى الحرب الواحدة تلو الأخرى”.
وذكر سهيل لوكالة الأناضول أن تعليمات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، التي تنص على أن اللبنانيين الذين يريدون القدوم إلى العراق يمكنهم دخول البلاد دون تأشيرة، “أمر جيد من منظور إنساني”، لكنه قلق “من إمكانية أن يكون العراق هدفا لإسرائيل”.
أما المواطن العراقي قيس الزبيدي فقال “بالتزامن مع بدء الهجمات والحروب في المنطقة، بدأ الاقتصاد العراقي يتأثر سلبا”.
وأشار إلى أن موجات الهجرة ستؤثر على اقتصاد العراق، وأن الدينار العراقي بدأ بالفعل يفقد قيمته مقابل العملات الأجنبية.
وكانت وزارة الداخلية أعلنت أن العراق استقبل نحو خمسة آلاف لبناني عبر مطاري بغداد والنجف ومنفذ القائم الحدودي بين العراق وسوريا، كما استقبلت المستشفيات العراقية أعدادا من المصابين. وأعلن رئيس الوزراء العراقي وبعض الوزراء عن التبرع برواتبهم لفائدة لبنان، في خطوات رمزية لإظهار التعاطف مع لبنان وحزب الله من دون إغضاب واشنطن.
وجاءت رسالة السوداني عقب مرور ساعات على إعلان ميليشيات عراقية استهداف مواقع في الجولان المحتل، بعد انقضاء يومين فقط على هجوم مماثل أدى إلى مقتل جنديين إسرائيليين، متوعدة بمواصلة عملياتها بوتيرة متصاعدة.
وسبق لـ”المقاومة الإسلامية في العراق” أن أعلنت شنّ عمليات مماثلة تستهدف الدولة العبرية منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.
ومنذ أبريل الماضي أكّدت إسرائيل وقوع عدد من الهجمات الجوية من جهة الشرق، من دون أن توجّه أصابع الاتهام إلى جهة محددة، وأعلنت عدة مرات أنها اعترضت مسيّرات خارج مجالها الجوي.