شارك نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، قبل ظهر اليوم (السبت، 16 تشرين الثاني 2024) في مراسم تخرج دورة الإعداد الرابعة للضباط في كلية قلاجوالان العسكرية.
وفي المراسم التي جرت بحضور شيخ جعفر شيخ مصطفى نائب رئيس إقليم كوردستان، وقوباد طالباني نائب رئيس حكومة إقليم كوردستان، ووزير شؤون البيشمركة، وعدد من المسؤولين العسكريين والمدنيين، وعوائل وأقارب الخريجين، ألقى الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة، فيما يأتي نصها:
أيها الخريجون الأحبة،
أيها الأعزاء أمهات وآباء وأقارب الخريجين
الحضور الكرام..
صباح الخير..
أهلاً بكم جميعاً في حفل تخرج دورة إعداد الضباط الرابعة في كلية قلاجولان العسكرية. أرحب ترحيباً خاصاً بالسيدة شاناز، سيدة العراق الأولى، التي تشاركنا في هذه المراسم، فأهلاً بها وسهلاً.
من دواعي الفخر والسعادة الكبيرين لنا جميعاً أن نشارك، في ظل هذه المؤسسة العسكرية المتقدمة، في حفل تخرج دفعة جديدة من حماة الوطن وجزء مهم وأساس من صناع مستقبل كوردستان والعراق المشرق. اليوم هو يوم خاص لإقليم كوردستان والعراق، حيث نلمس ثمرة جهد وتعب كبيرين للخريجين ومدرسيهم المحترمين.
أشعر بسعادة بالغة وأنا أرى (769) من شباب بلدنا يتخرجون من هذه الكلية المتميزة، متسلحين بالعلم والانضباط العسكري وبحماسة متجددة. ما يزيد في فخرنا وسعادتنا جميعاً أن (48) من هؤلاء الخريجين نساء. يتخرجون الآن بعد تسعة أشهر من الدراسة والتدريب وينالون رتبة ملازم، ويضخون دماء جديدة في قوات بيشمركة كوردستان. نحن على يقين أن شعب كوردستان يشعر بالفخر والاعتزاز عندما يرى هذه المشاهد.
أقدم أحر التهاني وأثني من القلب على الخريجين الأعزاء وعائلاتهم الذين كانوا داعمين ومشجعين لهم طوال مسيرة دراستهم وتدريبهم. كما أقدم شكري وتقديري الخاص واللامحدود للأساتذة المخلصين والمتفانين ومسؤولي الكلية العسكرية، على جهودهم المستمرة والدؤوبة في إعداد وتأهيل هذا الجيل الواعد والمخلص لكوردستان والعراق.
أيها الخريجون الأعزاء والأحبة،
إن رغبتكم واختياركم للانضمام إلى الكلية العسكرية بعد إكمال دراستكم الجامعية، دليل على إخلاصكم ونضجكم الفكري وحسِّكُم الوطني العميق ومسؤوليتكم العالية. فأنتم لم تختاروا الطريق السهل، بل اخترتم طريق الكرامة والعزة الشاق الذي هو طريق خدمة الوطن وحماية المكاسب والقيم العليا لشعبنا.
إن دراستكم وخلفيتكم الأكاديمية وتخصصاتكم العلمية رأسمال كبير للغاية في حياتكم، ومن المؤكد أنه سيثري قواتنا المسلحة، وسيعزز قدراتها وكفاءتها في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل. هذه بداية تحول مهم وضروري في تاريخ البيشمركة والقوات المسلحة لإقليم كوردستان.
وفي هذا اليوم، أُثَمّن بشكل خاص وبفخر كبير مشاركة بنات وسيدات كوردستان في صفوف البيشمركة وقواتنا المسلحة. لقد أثبتت نساء كوردستان، على مر تاريخ نضال شعبنا، أنهن شريك رئيس وفعال في بناء الوطن والدفاع عن الأرض والوطن.
وقد قدمن في هذا السبيل تضحيات كبيرة تستحق الاحترام والفخر. إن وجود المرأة في المؤسسات العسكرية والأمنية ليس فقط علامة على تقدم مجتمعنا، بل هو أيضاً دليل على إيماننا العميق بالمساواة والعدالة والشراكة الحقيقية في تحمل المسؤولية الوطنية والواجبات المهمة.
إن تاريخ البيشمركة سِجل ذهبي مليء بالمفاخر والبطولات والتضحيات والفداء في سبيل كوردستان. فمنذ تأسيسها وحتى اليوم، ظل البيشمركة، هذه القوة المجيدة، درعاً فولاذياً متيناً لحماية كوردستان ومكاسبه، خاضت على مدى عقود مضت، معارك الدفاع عن الحرية وعن الحقوق المشروعة وعن كرامة شعب كوردستان، وقدموا لكوردستان قافلة طويلة من الشهداء الشامخين الأبطال، ويواصلون اليوم بنفس الروح الوطنية والتفاني، حماية المكتسبات الديمقراطية والدستورية لشعبنا دون كلل.
في هذا اليوم ننحني إجلالاً وإكراماً لكل هؤلاء الشهداء الذين قدموا دماءهم وأرواحهم قرابين في سبيل الدفاع عن كوردستان ومكاسبه، وستبقى ذكراهم حية إلى الأبد.
أيها الخريجون الأعزاء،
أيتها البنات والأبناء الأحباء،
إن تخرجكم اليوم ليس نهاية الطريق، بل هو بداية مرحلة جديدة ومهمة في حياتكم. إنه بداية طريق مليء بالعطاء والتضحية وخدمة الشعب والوطن. إن العلوم والمعارف والخبرات التي اكتسبتموها في هذه الكلية العريقة هي سلاح وأداة قوية لخدمة وطنكم وشعبكم. إن مشاركتكم وانضمامكم إلى المؤسسة العسكرية يضع على عاتقكم مسؤولية تاريخية ووطنية كبيرة لحماية أمن وأمان واستقرار بلدنا. في هذا اليوم أيضاً، نحيي عالياً ذكرى الرئيس مام جلال، الذي فكر في العام 1992 في تأسيس هذه الكلية العسكرية في سبيل خدمة كوردستان، وفي سبيل خدمة البلد.
إننا في إقليم كوردستان نؤمن إيماناً عميقاً وراسخاً بأن البيشمركة وقواتنا المسلحة يجب ومن الضروري أن تكون مؤسسة وطنية ومهنية مستقلة. بعيدة عن كل أشكال الخلافات والصراعات السياسية والحزبية. فهذه القوات يجب أن يكون ولاؤها للوطن ولشعب كوردستان بكل مكوناته المتنوعة.
كما أن البيشمركة جزء مهم ورئيس من منظومة الدفاع العراقية. لذلك من واجب العراق أن يقدم الدعم من كل النواحي لتعزيز قوات البيشمركة. نحن نعمل بشكل مستمر وجاد على تعزيز قدرات وتطوير كفاءات ومهارات البيشمركة، ليتمكنوا من مواجهة كل التحديات والتهديدات بأفضل الطرق وليظلوا كما كانوا دائماً الدرع الفولاذي لحماية كوردستان.
في حرب مكافحة الإرهاب ومواجهة تنظيم داعش الإرهابي، أثبت أبطال كوردستان وقواتنا بدمائهم عملياً أنهم في مستوى المسؤولية التاريخية والوطنية، وامتزجت دماء البيشمركة في كل مكان من كوردستان دون أن يسأل أحد أيهم أخضر وأيهم أصفر، قدموا جميعاً دمائهم في سبيل خدمة البلد وخدمة كوردستان، وضحوا وناضلوا. قدموا مثالاً رائعاً وفريداً في البطولة والمهنية والشجاعة وروح التضحية والفداء للبلد، وفي هذه المرحلة الحالية حيث لا يزال الإرهاب والتطرف يشكلان تهديداً حقيقياً، نؤكد على أهمية استمرار التنسيق والتعاون المشترك بين البيشمركة والجيش العراقي وقوات التحالف.
وعلينا في هذا اليوم أن نجدد شكرنا وامتناننا العميقين لقوات التحالف الدولي ضد داعش لدعمها ومساعدتها المستمرة للعراق وإقليم كوردستان. كما نقدر تقديراً خاصاً مساعدتهم ودعمهم لجهود الإصلاح وتوحيد البيشمركة تحت مظلة وزارة شؤون البيشمركة في حكومة إقليم كوردستان لتصبح قوة وطنية ومدافعاً عن مكاسب إقليم كوردستان بكل مكوناته.
صحيح أن هناك في هذه المرحلة وهذا السبيل مشاكل وعقبات أمام العملية، لكن رغم كل شيء، ومع كون خطواتنا بطيئة، لكن تم إحراز تقدم جيد، ومن هنا، نؤكد لشعب كوردستان ولأصدقائنا في التحالف الدولي أن لدينا الإرادة والرغبة الجادة وسنستمر ولن نتراخى حتى نجاح العملية وتوحيد البيشمركة.
أيتها الأخوات والإخوة الكرام،
إن مشاكل وتعقيدات الشرق الأوسط تهدد أمن واستقرار العراق وإقليم كوردستان والمنطقة بشكل عام، ونحن في إقليم كوردستان نؤكد على ضرورة إبعاد العراق عن الصراعات والمشاكل الإقليمية. فالعراق بحاجة إلى الأمان والاستقرار والتنمية المستمرة، وليس إلى المزيد من الأزمات والخلافات والصراعات.
فبعد تاريخ مثقل بالألم والمعاناة والدمار، بسبب الحروب والصراعات المتتالية، يحتاج العراق الآن إلى الأمان والاستقرار. لكي يتمكن من استثمار خيرات وثروات البلد في إعادة البناء والتنمية وتطوير قطاعات الحياة كافة. إن شعب العراق وإقليم كوردستان، في كل المناطق، يستحقون الحياة والمزيد من الخدمات، وليس التورط في فوضى وويلات الحرب القائمة حالياً في المنطقة.
من هنا، نؤكد مجدداً أن إقليم كوردستان سيبقى عامل أمان في المنطقة ويمد يد التعاون للجميع، من أجل الحفاظ على الأمان والاستقرار والتعايش السلمي بين الجميع.
لقد علمتنا تجارب عشرات السنين في إقليم كوردستان أن الحوار والتفاهم والمفاوضات المستمرة هي السبيل الوحيد المناسب والصحيح لحل الخلافات وتجاوز الأزمات. نحن نؤمن بأن تعزيز التعاون والتنسيق بين جميع مكونات العراق هو الضمان الحقيقي لبناء عراق ديمقراطي اتحادي يحترم التعددية والتنوع ويحمي حقوق وحريات جميع المكونات.
السيدات والسادة الكرام،
بالنظر لحساسية المرحلة السياسية التي تلت انتخابات برلمان كوردستان، التي كانت انتخابات ناجحة وشارك فيها نحو 72% من شعب كوردستان، فكانت نصراً لكوردستان بكل المعايير. أدعو جميع القوى السياسية الفائزة إلى وضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، وأن يبدأوا حواراً جاداً ومسؤولاً وبنّاءً لتشكيل حكومة قوية وفعالة. حكومة تستجيب لتطلعات الشعب. تستطيع أن تواجه بنجاح مخاطر وتحديات الحاضر والمستقبل.
كما نؤكد على ضرورة وأهمية حل خلافات إقليم كوردستان وبغداد على أساس الدستور والاتفاقيات السياسية بين إقليم كوردستان وبغداد. إن عراقاً قادراً على مواجهة مخاطر الوضع المعقد في المنطقة، يجب أن يكون عراقاً لجميع المكونات وأن يكون لكل العراقيين عملياً. يجب أن يشعر الجميع في إقليم كوردستان وفي العراق بأنهم متساوون ومشاركون في صنع القرار وإدارة الشؤون السياسية والإدارية للبلاد، وأن يروا أنهم هم أصحاب العراق.
مرة أخرى، أهنئ الخريجين وعائلاتهم وأقاربهم المحترمين من القلب. الشكر والتقدير الخاص لآمري ومسؤولي كلية قلاجولان العسكرية وجميع الأساتذة والمدربين فرداً فرداً، على جهودهم المخلصة وعملهم الدؤوب في إعداد هذا الجيل الوطني الذي هو أمل كوردستان ومستقبل بلدنا.
آمل النجاح والموفقية لكم جميعاً في خدمة وطننا وشعبنا وفي الحفاظ على الوئام والتلاحم، وفي تعزيز ثقافة قبول الآخر الجميلة والتعايش والتسامح في كوردستان العراق، والذي هو طريقنا الوحيد نحو المستقبل. ليحفظ الله تعالى بلادنا.
تحية وسلاماً لأرواح الشهداء الطاهرة.
تحية لكم، وأرجو لكم يوماً سعيداً، وأهلاً بكم جميعاً، وشكراً جزيلاً..