تكشف التطورات في ملف الفساد في العراق عن أن آمال محاربة الظاهرة التي كانت قد أحيتها الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمّد شياع السوداني الذي جعل لدى تسلمّه المنصب من تحجيم الفساد في مؤسسات الدولة ومعاقبة المتورّطين فيه ضمن أولويات عمل حكومته، لا تزال بعيدة المنال.
وفي وقت ما تزال فيه الحكومة تواجه تداعيات ما يعرف بسرقة القرن المتعلقة بعملية اختلاس لمبالغ كبيرة من أموال الأمانات الضريبية، حتى برزت قضية فساد أخرى داخل مصرف حكومي في محافظة كربلاء جنوب غربي العاصمة بغداد.
وأعلنت هيئة النزاهة الاتحاديّة، اليوم السبت رصد حالات اختلاس لمبالغ ماليّة بمصرف حكومي في محافظة كربلاء، مُبيّنةً أنَّ المُتَّهمين قاموا باختلاس مبالغ الأقساط المدفوعة من قبل عددٍ من المُقترضين.
وأفاد مكتب الإعلام والاتصال الحكومي، في بيان بأن العمليَّة تمَّت بإشرافٍ مباشرٍ من قاضي محكمة تحقيق كربلاء المُختصَّة بالنظر في قضايا النزاهة.
وأوضح البيان أن “فريقا مُؤلَّفا من مكتب تحقيق الهيئة في المحافظة، وضمن إطار أعمال المُتابعة والتدقيق التي يقوم بها في مصرف الرافدين – فرع الحسينيَّـة، كشف اختلاس مبلغ من المال تمَّ تسديده من قبل اثنين من المُقترضين، حيث تمَّ ضبط إضبارتي المُقترضين مع كشف حاسبةٍ بالتسديدات النقديَّـة التي ظهرت بموجبها الأقساط المُختلسة”.
واضاف أن “مدير المصرف السابق قام بالاشتراك مع مسؤولي شعبة القروض والكاونتر ومُوظَّف الحاسبة باختلاس مبالغ الأقساط”، لافتا الى أنَّ “المُتَّهمين سبق أن تمَّ إلقاء القبض عليهم بعد صدور مُذكَّرة قبضٍ بحقهم من قبل قاضي التحقيق المُختص، إثر كشف الهيئة عن اختلاسهم مبالغ ماليَّة بعد قيامها بتدقيق (2413) إضبارةً على مدى ثلاثة أسابيع، عبر تنظيم معاملات قروضٍ وهميَّةٍ لشراء السيَّارات”.
وأكد البيان أنه “تدوين أقوالهم وعرضهم على قاضي محكمة تحقيق كربلاء المُختصَّة بقضايا النزاهة، الذي قرَّر توقيفهم وفق أحكام المادة (315) من قانون العقوبات”.
ولم يحدد المكتب مقدار المبالغ المختلسة من المصرف الحكومي، لكن بيان المكتب ربطها بعملية القبض على خمسة موظفين في المصرف في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي، على خلفية اختلاسهم مبلغا من المال بعد تدقيق أضابير المقترضين، واستمارات الكفيل وعقود الاقتراض، ووصولات القبض وكشوفات المطابقة اليومية، وجداول الحاسبة والبرنامج الإلكتروني”.
وكانت هيئة النزاهة قد كشفت حينها عن اختلاس أكثر من مليار دينار من أحد فروع مصرفٍ حكوميٍ في كربلاء، مبينةً أنه تم إلقاء القبض على مدير المصرف السابق وأربعة موظفين آخرين، لتورطهم في عملية الاختلاس.
وذكر بيان الهيئة أن عملية التدقيق استمرت لمدة 21 يوما تم خلالها تدقيق 2413 إضبارة، إذ تم التوصل إلى قيام خمسة موظفين، من بينهم مدير المصرف السابق، باختلاس مبلغ (1.034.682.625) مليار دينار، عبر تنظيم معاملات قروض وهمية لشراء السيارات”، مشيرا إلى أن “المبالغ المسددة من المقترضين ظهرت في جداول الحاسبة فقط، ولا يوْجد أي أثر لها في قيود اليوميـة، ولم يتم العثور على وصولات القبض وكشوفات المطابقة اليومية؛ مما يعني أن عمليـة التسديد كانت وهميـة”.
وتابع البيان، أن “عملية التدقيق أظهرت تسجيل تواريخ التسديد الوهمية في تواريخ تصادف عطلا رسمية”، منوها بأن “أعمال التدقيق بموضوع الاختلاسات في المصرف تتعلق بقضية واحدة فقط من أصل (9) قضايا تخص المصرف نفسه يتم التدقيق والمراجعة فيها، تمهيدا لاستكمالها وعرضها على القضاء.
وأكد أن “شعبة التدقيق الخارجي في مكتب تحقيق كربلاء أشرت بتقرير لها مخالفات وحالات اختلاس، تم عرضها على القاضي المختص الذي أصدر قراره بالقبض على المتهمين وفق أحكام المادة (315) من قانون العقوبات”.
وأوضح أنه “تم تنفيذ أمر القبض بحق (4) متهمين، في حين إن المتـهم الخامس (مدير المصرف) تم ضبطه في محل سكنه في محافظة بابل، بعد التواصل والتنسيق مع قاضي محكمة تحقيق النزاهة ومكتب تحقيق الهيئة في المحافظة، بعد نقله في وقت سابق لمصرف الرافدين – الإسكندرية، وتم خلال العمليـة ضبط الأضابير البالغ عددها (2413) إضبارة”.
وينخر الفساد كافة مؤسسات الدولة والإدارات العامة في العراق، ورغم صدور إدانات قضائية إلا أنها نادرا ما تستهدف مسؤولين كبارا.
ويحتل العراق المرتبة 157 (من 180) في مؤشر منظمة الشفافية الدولية عن “مدركات الفساد”، وغالبا ما تستهدف المحاكمات في قضايا الفساد في حال حصلت، مسؤولين في مراكز ثانوية.