أعلنت دائرة الآثار في إدارة سوران المستقلة التابعة لمحافظة أربيل بإقليم كوردستان، الأربعاء، عن زيادة ملحوظة في أعداد السياح الوافدين إلى “كهف شانيدار” وذلك بعد عرض فيلم وثائقي عن حياة إنسان نياندرتال على منصة نتفليكس.
وقال مدير الدائرة عبدالوهاب سليمان إن الفيلم الوثائقي أثار اهتماما واسعا حيث بحث أكثر من ملياري شخص من مختلف أنحاء العالم عن كلمة “كوردستان” في محركات البحث على الإنترنت.
ويروي شريط وثائقي بعنوان “أسرار إنسان نياندرتال” أنتجته “بي.بي.سي” وبدأ توفيره اعتبارا من الشهر الماضي على منصة البث التدفقي “نتفليكس” قصة هذا العمل العلمي، بدءا من اكتشاف جمجمة في كوردستان العراق، وصولا إلى عملية إعادة التكوين هذه.
وأضاف سليمان أن الآلاف من المهتمين يرغبون الآن في زيارة هذا الموقع التاريخي لمشاهدة المكان الذي عاش فيه إنسان نياندرتال عن قرب.
وفي إطار الجهود لتعزيز الجذب السياحي، أعلن سليمان أن دائرته، بالتنسيق مع المديرية العامة للآثار في أربيل وبالتعاون مع جامعة كامبريدج البريطانية، بصدد إنشاء حديقة كبيرة تشمل متحفا لعرض بقايا عظام إنسان نياندرتال والمواد الأثرية الأخرى التي تم العثور عليها خلال عمليات التنقيب.
كما أضاف أن هناك خططا مستقبلية لإنعاش القطاع السياحي من خلال إنشاء مرافق سياحية جديدة بما في ذلك مشروع بناء تلفريك يربط بين أسفل الجبل والكهف.
من جانبه قال فرهاد حسين، أحد السياح الزائرين للكهف مع عائلته، لوكالة شفق نيوز “بعد عرض الفيلم الوثائقي أصبح لدينا اهتمام كبير بمعرفة ما يوجد داخل هذا الكهف لكن للأسف لا توجد هنا أي مرافق سياحية. نأمل أن تولي الحكومة اهتماما أكبر بهذه المنطقة”.
ويعكس هذا الاهتمام المتزايد بكهف شانيدار أهمية تطوير البنية التحتية السياحية في المنطقة بما يعزز من جاذبيتها ويسهم في تنمية الاقتصاد المحلي.
وتمكّن باحثون بريطانيون من إعادة تكوين رأس ووجه امرأة من عصر البشر البدائيين (نياندرتال) عاشت قبل نحو 75 ألف عام.
وكانت نقطة الانطلاق عام 2018، عندما اكتشف علماء آثار من جامعة كامبريدج جمجمة لعيّنة من إنسان نياندرتال أطلقوا عليها اسم شانيدار زد، على اسم الكهف الذي عثروا عليها فيه، والذي لم يكن متاحا للعلماء طوال 50 عاما لأسباب سياسية.
الاهتمام المتزايد بكهف شانيدار يعكس أهمية تطوير البنية التحتية السياحية في المنطقة بما يعزز من جاذبيتها ويسهم في تنمية الاقتصاد المحلي
واستنتج الباحثون استنادا إلى معاينة الجمجمة أنها تعود إلى امرأة كان عمرها نحو 40 عاما وقت وفاتها.
وسبق أن نجح عالم الآثار الأميركي رالف سوليكي عام 1960 في استخراج الجزء السفلي من الهيكل العظمي مع رفات ما لا يقل عن عشرة من النياندرتال.
وكان اكتشاف جمجمة شانيدار زد، التي سُويت بالأرض بسبب سقوط حجر عليها على الأرجح بعد وقت قصير على وفاتها، مفاجأة حقيقية للباحثين.
وقال البروفيسور غرايم باركر من معهد “ماكدونالد” للأبحاث الأثرية في كامبريدج لوكالة فرانس برس “أردنا أن نحاول تأريخ المدافن… من أجل استخدام موقع شانيدار للمساهمة في الجدل الكبير حول أسباب انقراض إنسان نياندرتال” الذي تعايش مع الإنسان العاقل بضعة آلاف من السنين ثم انقرض قبل نحو 40 ألف سنة.
وأوضحت عالمة الأنثروبولوجيا القديمة في جامعة كامبريدج إيمّا بوميروي أن العظام والرواسب المحيطة بها ثبّتت في الموقع بنوع من الغراء قبل أن تتسنى إزالتها على شكل عدد كبير من القطع الصغيرة المغلفة برقائق الألومنيوم.
وجرى بعد ذلك تجميع أكثر من 200 شظية من الجمجمة في مختبر كامبريدج، على طريقة تركيب “لعبة صور مجزّأة ثلاثية البُعد قيّمة جدا”، على قول إيمّا بوميروي.
وبعد إعادة تكوين الجمجمة، طُبِعَت بتقنية ثلاثية البُعد، ما أتاح لاثنين من فناني المتحجرات المشهورين هما الهولنديان التوأمان أدري وألفونس كينيس، إعادة تكوين وجهها من خلال تطبيق طبقات من الجلد والعضلات المعاد تكوينها.
وأوضحت إيمّا بوميروي أن الوجه الذي أعيد تكوينه بهذه الطريقة يُظهر أن “الاختلافات لم تكن واضحة جدا” مع وجوه البشر، علما أن جماجم إنسان نياندرتال مختلفة تماما عن جماجم البشر، إذ تتميز “بحواف جبين ضخمة وعدم وجود ذقن تقريبا”.