توالت ردود الفعل الرافضة دعوة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد بمدة أقصاها ستة أشهر، وهي الدعوة التي وصفت بأنها “مناورة سياسية”، إذ أبدت قوى من داخل تحالف “الإطار التنسيقي” الذي يعد ائتلاف المالكي “دولة القانون” من أعمدته، رفضها أي توجه نحو الانتخابات المبكرة، مؤكدة تغليب المصلحة العامة للمواطنين والعمل على توطيد الاستقرار السياسي.
وكان نوري المالكي قد دعا، الخميس الماضي، إلى إجراء انتخابات بحلول نهاية العام الحالي 2024، مؤكدا أن حكومة محمد شياع السوداني ملزمة بذلك ضمن برنامجها الانتخابي، مشددا على ضرورة منع المسؤولين الحكوميين من المشاركة فيها إلا في حال استقالاتهم من مناصبهم.
ولم يصدر عن حكومة السوداني أي تعليق بالقبول أو الرفض إزاء دعوة المالكي، كما أن تحالف “الإطار” لم يصدر أي موقف رسمي إزاء الملف الذي جاء بتوقيت مثير للجدل، لا سيما أن السوداني يعمل على إنجاز مشاريع خدمية في البلاد أسهمت في تعزيز قاعدته الشعبية.
تيار الحكمة يهاجم دعوة نوري المالكي
تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم، وهو جزء من “الإطار التنسيقي”، هاجم دعوة المالكي، وأكد أنها “ولدت ميتة” وغير قابلة للتطبيق، وقال عضو التيار رحيم العبودي إن “الدعوة إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة نهاية العام الحالي تمثل وجهة نظر نوري المالكي ورغبته الشخصية، وهذه الفكرة لم تطرح ولم تناقش بين قوى الإطار التنسيقي، كما أن الفكرة مرفوضة بالأساس من قبل الإطار”.
وأضاف، في تصريح صحافي مساء الخميس، أن “رفض فكرة الانتخابات المبكرة من قبل الإطار التنسيقي هي لإدامة الاستقرار السياسي، ولإكمال الحكومة العراقية مشاريعها وخططها في ظل الرضا الحاصل عنها سياسيا وشعبيا”، مشددا على أنه “لا توجد أي مبررات لإجراء انتخابات كهذه، ولهذا نعتقد أن دعوة نوري المالكي ولدت ميتة ولا يمكن تنفيذها”.
أما ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، وهو أيضا جزء من “الإطار”، فقد نفى وجود أي اتفاق وطني على إجراء انتخابات مبكرة في البلاد. وقال في بيان ردا على دعوة المالكي: “هناك أولويات وطنية أهم من الانتخابات المبكرة، ولدينا مهام كبرى أخرى تستوجب العمل لها والالتزام بالتوقيتات الدستورية لاختيار رئيس مجلس النواب لاستقرار العملية السياسية وتقديم ما هو أفضل للمواطنين”.
ودعا الائتلاف القوى السياسية إلى “جعل الأولوية رعاية مصالح المواطنين ورسوخ النظام السياسي وانسيابيته وفاعليته لتقديم الخدمات للشعب وحفظ استقراره وتقدمه”، مشددا على أنه “لا وجود لاتفاق وطني على إجراء انتخابات مبكرة”.
ومع تجنب عدد من قوى “الإطار التنسيقي” الرد على دعوة المالكي، إلا أن نائبا عن الإطار أكد لصحيفة “العربي الجديد”، مشترطا عدم ذكر اسمه، أن “الدعوة تحمل رسائل عدة من نوري المالكي إلى السوداني، منها أنه (السوداني) تخلّى عن إجراء الانتخابات المبكرة رغم إدراجها في منهاج حكومته، كما أن المالكي الذي يريد قطع الطريق أمام المشاريع الخدمية للسوداني، أظهر له أنه لا يمكن أن يخوض الانتخابات من دون الاستقالة من الحكومة”.
وأضاف أن “نوري المالكي كشف أيضا مواقف أطراف تحالفه (الإطار التنسيقي) التي جاءت رافضة لدعوته”، مبينا أن “معظم حلفاء المالكي لا يقبلون بالدعوة ولا بتوقيتها، وأن الزعامات في الإطار التي لم تعلق على الدعوة هي رافضة أساسا للفكرة، ومن بينها هادي العامري وقيس الخزعلي، وهذا ما يجعل من دعوة المالكي دعوة منفردة لا تحظى بتأييد حتى داخل الإطار”.
ولم ينحصر الرفض داخل قوى الإطار فحسب، إذ اعتبر النائب عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ماجد شنكالي دعوة المالكي “مناورة سياسية”. وقال في تدوينة له على “إكس”: “بلغة المنطق والحسابات على أرض الواقع، لن تكون هناك أي انتخابات مبكرة في العراق”، مؤكدا أن “الحديث عنها لا يتعدى أن يكون ضغطاً ومناورة لتحقيق أهداف ومآرب أخرى، وهذا هو الطبيعي في عالم السياسة، أما في دول أخرى فيمكن إجراء الانتخابات في غضون 60-90 يوما، لأن من يدير المؤسسات هي الدولة وليس الأحزاب والسياسيون”.
الباحث في الشأن السياسي العراقي باسل حسين عد الحديث عن انتخابات مبكرة في العراق “خرافة”. وقال في تدوينة على منصة إكس: “الحديث عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة في العراق عبر المسار التقليدي يعد حديث خرافة، ولا يتبقى إلا الطريق الخفي، مع إعادة التأكيد على الصعوبة الفنية”.
وتضمّن برنامج حكومة السوداني بنوداً كثيرة، ركّز بعضها على إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد والسلاح المتفلت، وحصلت حكومة السوداني على ثقة البرلمان بموجبه في أكتوبر 2022. ويُعدّ مطلب إجراء انتخابات مبكرة من أبرز مطالب “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، الذي طالب بها قُبيل تشكيل حكومة السوداني من قبل “الإطار التنسيقي”، وقبل اعتزال الصدر العمل السياسي (أغسطس/ آب 2022).