يعاني العراقيون ظروفا صعبة بالتزامن مع ازدياد درجات الحرارة خلال فصل الصيف في ظل انقطاع التيار الكهربائي، وهو ما فجر احتجاجات في بعض المدن.
وتصل درجات الحرارة في العاصمة بغداد والمدن الجنوبية حتى 50 درجة، ما دفع إلى إعلان عطلة رسمية في مدن البصرة والديوانية وبابل الاثنين.
وكانت الحكومة قد وجهت بتقليص عدد ساعات الدوام في المؤسسات الرسمية إلى 6 ساعات بدلاً من ثمانٍ، على أن يكون بدْء الدوام الرسمي داخل المؤسسات الحكومية في كافة المحافظات، عدا العاصمة بغداد، في الساعة السابعة صباحا وانتهاء الدوام في الساعة الواحدة ظهرا، وفقا لوكالة الأنباء العراقية. ورغم الميزانيات الضخمة المخصصة لتمويل قطاع الكهرباء في العراق لم يتم التوصل إلى حل لمشكلة انقطاع التيار الكهربائي المستمرة منذ سنوات؛ حيث يلجأ عدد كبير من العراقيين كل صيف إلى السباحة في الأنهار المهملة والعكرة التي تنشر الأمراض.
وبين الارتفاع المستمر في درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار، يعد العراق إحدى الدول الخمس الأكثر تعرضا لتأثيرات تغير المناخ في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.
ويكرر رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بانتظام الإشارة إلى ضرورة قيام العراق بتنويع مصادر الطاقة لديه، بهدف زيادة إنتاجه من الكهرباء ووضع حد لانقطاع التيار الكهربائي، كما تقوم السلطات بأعمال صيانة في القطاع لتحسين إمدادات الكهرباء، لكن لا شيء يتغير كل سنة. ولحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المتزايد في أشهر الصيف خاصة، يلجأ العراقيون إلى مولدات كهربائية في الأحياء توفر الكهرباء للمنازل مقابل رسوم معينة، ولكنها تثير الضجيج ودخانا أسود، ومع ذلك لا يمكن للأسر ذات الدخل المنخفض الاستفادة منها.
وقال سعد أحمد، مواطن عراقي، إن “انقطاع التيار الكهربائي في الصيف يشعر المواطنين باستياء شديد”. وأشار إلى تكرار انقطاع التيار في الصيف، وانتشار المولدات في الشوارع لمكافحة الحرارة الشديدة، داعيا الحكومة إلى توفير الكهرباء دون انقطاع. بدوره أوضح كفاح صالح، أحد سكان بغداد، أنهم لا يستطيعون المشي في الشوارع بسبب الحرارة الشديدة.
ومن جانبها قالت مديرة شعبة تعزيز الصحة في دائرة الصحة بالبصرة، ريا حبيب، إنه من الممكن التعرض لمرض “الإرهاق الحراري” بسبب ارتفاع درجات الحرارة، فضلا عن ضربات الشمس. وأكدت أنه إذا لم تتم معالجة هذه الحالات فورا فقد تؤدي إلى الوفاة. وتشتد الانقطاعات اليومية للتيار الكهربائي في الصيف عندما تقترب درجات الحرارة من 50 درجة، ما يؤدي إلى تزايط السخط الشعبي في بلد ذي بنية تحتية متهالكة.
وفي الجنوب، حيث تكون درجات الحرارة أكثر شدة، أضرم المئات من المتظاهرين في قرية بمحافظة الديوانية النار في إطارات سيارات الإثنين لقطع طريق رئيسي احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي وشح المياه في ظل حرارة لا تطاق.
وتظاهر المئات يومي الجمعة والسبت في الديوانية أمام مكاتب وزارة الكهرباء في منطقة غماس، حيث قطعوا الطريق عبر حرق الإطارات. ونقلت فرانس برس عن متظاهرين من قرية الشافعية جنوبي البلاد قولهم “لا ماء لا زراعة، كلّهم (الناس) نزحوا (إلى المدن للحصول على عمل). لا كهرباء عندنا”.
وأضاف المتظاهرون “كنا نحصل على الكهرباء لمدّة ساعتين، الآن (نحصل عليها) لمدّة ساعة وربع الساعة. تأتي وتنقطع، تأتي وتنقطع”. وقالوا “نحصل على الكهرباء لمدة ساعتين، قبل أن تنقطع لمدّة ثلاث أو أربع ساعات”.
وفرقت الشرطة العراقية المتظاهرين باستخدام الغاز المسيل للدموع والطلقات التحذيرية، كما اعتقلت حوالي عشرة متظاهرين لفترة وجيزة. وينتج العراق نحو 26 ألف ميغاواط من الكهرباء في حين تبلغ احتياجات البلاد نحو 35 ألف ميغاواط، وبلغت التكاليف التشغيلية لشبكة الكهرباء العراقية في عام 2019 نحو 9.3 مليار دولار، بينما كانت إيرادات الوزارة أقل من مليار دولار.
وينفق البلد ما يقرب من 4 مليارات دولار سنويا على واردات الغاز والكهرباء من إيران، بينما يحرق في الوقت نفسه كميات هائلة من الغاز الطبيعي كمنتج ثانوي في قطاع الهيدروكربونات.