زار رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، اليوم الخميس 22 شباط (فبراير) 2024، محافظة حلبجة، واستهل زيارته بتفقد نصب الشهداء، ووضع إكليل من الزهور عليه، تكريماً لضحايا الجريمة البشعة.
وفي إطار زيارته، أرسى رئيس الحكومة في مراسم خاصة، الحجر الأساس لمشروع طريق حلبجة – تواقوت – قليجة، وجسر تواقوت، بهدف تحسين البنية التحتية في المحافظة، وتسهيل حركة التنقل بين مختلف المناطق.
وخلال المراسم، ألقى رئيس الحكومة كلمة أشار فيها إلى أهمية المشروع، مؤكداً أنه سيعزز التبادل التجاري وينعش قطاع السياحة في المنطقة.
وأضاف أن حلبجة وشهرزور وهورامان تحظى بمكانة استثنائية في كوردستان، كونها حاضنة ثقافية وفكرية غنية، حيث نشأت فيها نخبة من العلماء والأدباء والشعراء والكتاب والفنانين والشخصيات الدينية والاجتماعية الذين أسهموا بشكل بارز في نهضة كوردستان.
كما أعرب رئيس الحكومة عن فخره بكون حلبجة تسجل أدنى معدل للعنف ضد المرأة في كوردستان، مؤكداً أن هذا الإنجاز يُعدّ مؤشراً واضحاً على نضج المجتمع في هذه المنطقة وثقافته الغنية.
وأكد أن حلبجة تتميز بخصوبة أراضيها الزراعية، إذ تشتهر بزراعة الرمان الذي نال شهرة واسعة تجاوز حدود المنطقة، مبيناً أن حكومة الإقليم أولت اهتماماً لافتاً بالقطاع الزراعي، من خلال دعم المنتجات المحلية وإيجاد أسواق خارجية لها. ونتيجة لذلك، أصبح رمان كوردستان، ولا سيّما رمان حلبجة، علامة تجارية مميزة للمنتجات الزراعية الكوردستانية في الأسواق الخليجية والعالمية.
وشدد رئيس الحكومة على أن أهالي حلبجة قدموا تضحيات جسيمة وعانوا من مآسي لا حصر لها، وأصبحت حلبجة رمزاً لصمود شعب كوردستان في وجه الظلم، كما أعرب عن أسفه لعدم حصول حلبجة على الخدمات التي تستحقها، مؤكداً على مسؤولية جميع الأطراف، من مسؤولين محليين ومواطنين، في خدمة أهالي حلبجة وعوائل جميع الشهداء والمؤنفلين، وبما يليق بتضحياتهم.
وقال إنه صحيح أن جلّ مرتكبي الهجوم الكيماوي على حلبجة نالوا جزاءهم، لكن ذكراهم ستظلّ وصمة عارٍ في التاريخ، وما يثير القلق الشديد هو عدم استعداد الحكومة الاتحادية العراقية، منذ سنوات عديدة، لتعويض ضحايا نظام البعث السابق، بينما تُعدّ حلبجة من أبرز الأمثلة على جرائم البعث الوحشية وضحايا الأسلحة والهجمات الكيمائية. ولذلك، يجب تعويض ذوي ضحايا الأنفال تعويضاً لائقاً ومستحقاً.
وأكد رئيس الحكومة وجود محاولات مستمرة لطمس جريمة الإبادة الجماعية لأهالي حلبجة، لكن لا يمكن السماح بنسيانها، ففي الوقت الذي يتعرض فيه شعب كوردستان للجرائم، يُحاول البعض استغلال هذه الظروف لتقديم أنفسهم كمنقذين، مُضلّلين الناس وناكرين للحقائق، موضحاً أن هذا السلوك لم يعد مقبولاً، وبات من واجب الجميع التكاتف واتخاذ موقف حازم لإلزام الحكومة الاتحادية على تعويض عوائل شهداء حلبجة وعموم كوردستان.
وأكد رئيس الحكومة أنه حان وقت مواجهة الحكومة الاتحادية وتذكيرها بالمطالب المشروعة لشعب كوردستان، وخاصة أهالي حلبجة، وقال: “حلبجة جرح عميق في جسد كوردستان، ومن واجبنا جميعاً مداواته وخدمة هذه المنطقة”.
وتابع “والمثير للاستغراب أنّ إجراءات تحويل حلبجة إلى محافظة من قبل مجلس النواب العراقي لم تكتمل ولم يصوّت عليها لأسباب مختلفة، بينما حكومة إقليم كوردستان اتخذت قرار تحويلها إلى محافظة منذ سنوات طويلة”.
وبيّن رئيس الحكومة أن ربط استكمال إجراءات تحويل حلبجة إلى محافظة، بغيرها من مدن العراق، يمثل ذريعة ظالمة ومجحفة بحق أهالي حلبجة. فهذه المنطقة عانت كثيراً وقدمت تضحيات جمة، ولا يجوز استغلالها لتحقيق مكاسب سياسية.
وقال إن هذا الاستخفاف بتضحيات أهالي حلبجة أمر غير مقبول، ويجب على جميع الأطراف المعنية العمل على إكمال إجراءات تحويل حلبجة إلى محافظة دون أي عراقيل، ودفع عجلة إعادة إعمارها وإرساء بنية تحتية لهذه المدينة الغالية.
ودعا رئيس الحكومة، الحكومة الاتحادية إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والدستورية، وتعويض عوائل شهداء حلبجة والمؤنفلين وضحايا النظام العراقي السابق، لتخفيف معاناة أهالي هذه المنطقة وباقي مناطق كوردستان.
ومضى يقول: “ناقشنا قضية تعويض ضحايا النظام العراقي السابق مراراً وتكراراً مع مسؤولي الحكومة الاتحادية في السنوات الأخيرة. يردّدون دائماً أنهم ليسوا خليفة للنظام السابق ولا يتحمّلون مسؤولية جرائمه ضد شعب كوردستان. لكن الواقع يفرض نفسه، فالحكومة، شاءت أم أبت، هي خليفة السلطات، وبالتالي تقع على عاتقها مسؤولية التعامل مع أي جريمة ترتكبها تلك السلطات”.
وأكد رئيس الحكومة أن التزام الحكومة الاتحادية بالعديد من القوانين التي أصدرها النظام السابق يتناقض مع تنصّلِها من مسؤولية جرائمه ضد شعب كوردستان. فإما أن تتبرأ الحكومة من جميع قوانين النظام السابق، أو أن تتحمّل مسؤولية جرائمه وتعترف بظلم شعب كوردستان وضرورة تعويضه.
وعبّر رئيس الحكومة عن تقديره لصمود أهالي حلبجة، وجدد دعمه لمطالبهم المشروعة، مؤكداً على بذل قصارى جهده لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين.
وتطرق رئيس الحكومة في كلمته إلى اجتماعه مع المسؤولين المحليين في المحافظة، واطلاعه على مطالبهم، مؤكداً على متابعته لتلك المطالب، خاصة وأن حلبجة لها احتياجات كثيرة. كذلك شدد على أنّ الجميع مدينون لحلبجة، وعبّر عن أمله في تعويض ما فاتها وتحسين مستوى الخدمات.
هەواڵی داهاتوو