أكد الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، في حوار خاص مع إذاعة مونت كارلو الدولية، اليوم الثلاثاء، ان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يواجه عقبات في تطبيق بنود الاتفاق السياسي الذي أدى لتشكيل ائتلاف “إدارة الدولة، الذي سمح بالمشاركة في هذه الحكومة، متهماً عدة أطراف بمحاولة عرقلة عمل الحكومة الفيدرالية، مؤكدا بأن تم دعم السوداني ولا يزال هذا الدعم قائماً لغاية الآن.
ولفت الرئيس بارزاني الى حالة القلق بسبب التهديدات التي تطال النموذج الديموقراطي في العراق، وهو تهديد قادم من الداخل ومن الخارج.
وعن العلاقة بين أربيل والسليمانية، عبر الزعيم الكوردي عن أسفه على حالة الانقسام التي يعيشها الاقليم، موضحًا ان هناك ثمة خلافات على المسائل واﻷهداف الاستراتيجية بين الحزبين المتنافسين، لكنه لفت الى العمل المستمر من أجل توحيد الصف الكوردي وتجاوز الخلافات.
وعن العلاقة مع ايران خاصة بعد الهجوم الاخير على العاصمة اربيل والذي أودى بحياة مدنيين ، نفى الرئيس بارزاني كل الاتهامات الايرانية التي تطال الاقليم بتوفير ملجأ ﻷعداء إيران وقال “أنا ولدت في مهاباد (إيران)، ولم نرغب في يوم أن يكون لنا علاقات متوترة مع إيران، ولم نسمح أن يكون الإقليم مكاناً لتهديد أمن إيران”.
وأضاف “منذ 2020 – 2021 ولغاية اليوم، تعرضت أربيل كمدينة ومحافظة لـ 143 هجوماً بالصواريخ البالستية والمسيرات، من قبل إيران أو أتباعها، ودائما تبرر هذه الجرائم بأن هناك مراكز استخبارات دولية وتحديداً الموساد أو المعارضة الكوردية الموجودة في الإقليم، وأنا متأكد لو كان هناك مقر للموساد لما تجرؤوا على ضربه.”
مشيرا الى انهم “عجزوا عن الرد على الأقوياء ولتبرير فشلهم في الداخل، بعض الأطراف في إيران اتهموا أربيل بإيواء المعارضة الإيرانية وغير ذلك، وضرب عائلة بريئة مسالمة وقتل بنت بعمر 11 شهراً هذه جريمة نكراء ويصرون أنهم قتلوا ضابطاً للموساد، لذلك الاتهامات باطلة ولا أساس لها”.
وبالنسبة للمعارضة الإيرانية قال الزعيم الكوردي “هي موجودة منذ 50 عاماً، وبناء على اتفاق ثلاثي، بين الحكومة الفيدرالية والإقليم وإيران، استجابت المعارضة الكوردية الإيرانية وانسحبت من المواقع الحدودية ورجعوا إلى مناطق سكنية في أطراف أربيل، وذلك تطبيقاً للاتفاق، لذلك اتهامات إيران باطلة ونحن لم نرغب في يوم من الأيام أن تتوتر العلاقة مع إيران، وأنا مستغرب من اتخاذ إيران لهذا النهج”.
وشدد الرئيس بارزاني على أن ملف التعامل مع وجود قوات التحالف في العراق، يجب أن يبقى ضمن اختصاصات الحكومة الفيدرالية والأجهزة المختصة، وأنه ليس من شأن الفصائل أو الجماعات أن تتدخل في هذه القضية المتعلقة بكل العراقيين.
واشار الرئيس بارزاني انه “في حال انسحاب القوات الأميركية قد يتكرر سيناريو 2011، عندما انسحبت أميركا وقوات التحالف، بعد فترة رأينا داعش احتل تقريباً ثلث العراق، وكادوا يحتلون كل العراق لولا دعم قوات التحالف لكان الوضع مختلفاً.”
مبيناً بأنه “كان هناك اتفاق بين الحكومة الفيدرالية والحكومة الأميركية والتحالف قبل 10 سنوات، وربما يحتاج هذا الاتفاق إلى مراجعة لكن هذا من اختصاص الحكومة الفيدرالية والأجهزة المختصة وليس من اختصاص فصائل أو جماعات، تقرر هذه المسألة المصيرية المتعلقة بكل العراقيين ولا يحق لطرف واحد أن يتخذ قراراً بصدد هذا الموضوع”.
وفي رده حول سؤال بشأن نقطة تثير قلق بعض الاصدقاء في الغرب إذا صح التعبير، وهل أن الجيل الثالث من سياسيي كوردستان بعد رحيل المؤسس الأول وجيلهم الثاني الذي عرف السلاح وعرف التفاوض.. هل الجيل الثالث قادر على مواجهة كل التحديات التي تعصف بالإقليم هذا اليوم؟
قال الرئيس بارزاني “سؤال جميل.. كان لدي نفس المخاوف، لكن في الحرب مع داعش عانينا لمدة شهرين تقريباً، وبعدها تخرّج جيل جديد، أكثر صلابة وأكثر خبرة وأقوى إرادة، صحيح أن هناك جيلاً جديداً تأثر بالتطور التكنلوجي في العالم، لكن لدينا جيلاً مدرباً ومجهزاً بالسلاح والفكر والإرادة، لذلك أقول لسنا خائفين ولدينا مئات الآلاف من الشباب الذين ربما سيتجاوزون كثيراً ما وصل إليه الجيل الأول والثاني”.
وبالنسبة لقرارات المحكمة الاتحادية العراقية بخصوص رواتب موظفي اقليم كوردستان وواردات الاقليم ، أعرب الرئيس بارزاني عن اسفه حيال القرارات الأخيرة التي اعتبرها منحازة ضد الاقليم، وقال “مع الأسف الشديد.. قرارات المحكمة الاتحادية كلها ضد الإقليم ومنحازة بامتياز ضد الإقليم، وللعلم هذه المحكمة ليست دستورية، بل تشكلت في زمن الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، وتقوم الآن بدور السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية، وأعتقد أنها تجاوزت واجباتها وصلاحياتها الأساسية وقراراتها غير منصفة أو عادلة وهي ضد الإقليم بامتياز”.
وبشأن الفيدرالية وهل هي فكرة عملية في دول المنطقة قال الرئيس بارزاني “بعد سقوط النظام عام 2003 قرر برلمان كوردستان تبني الفيدرالية وإقامة العلاقة على هذا الأساس مع بغداد، وكنت في بغداد لفترات طويلة وأثناء صياغة الدستور عملنا بجد وإخلاص لنبني عراقاً ديمقراطياً تعددياً فيدرالياً، وبعد فترة لاحظنا أن البعض لا يؤمن بالفيدرالية، وتم التراجع عن ما اتفقنا عليه في الدستور، والدستور يقول في ديباجته، أن الالتزام بهذا الدستور يضمن وحدة العراق، وتم خرقه.
وأضاف “لو تم الالتزام بالدستور، لما ذهبنا إلى الاستفتاء، لذلك أقول مرة أخرى أن الديمقراطية والفيدرالية مهددة في العراق في ظل وجود هذه الأنظمة في المنطقة لن تنفع الفيدرالية أو غيرها”.
وختم الرئيس بارزاني هذا اللقاء بدق ناقوس الخطر حيال مستقبل العراق اذا لم يتبنى العراقيون مجددا مبدأ المشاركة والتوافق والتوازن، دون التفرد بالسلطة من قبل جماعات معينة وهو ماقد يسير بالعراق نحو الهاوية.