جاء اللقاء الذي وصفه البيت الأبيض بـ”الودي” بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب، بمثابة إشارة مهمة نحو تهدئة الأجواء السياسية في الولايات المتحدة بعد سنوات من التوترات.
اللقاء الذي استمر نحو ساعتين، وتناول مواضيع تتعلق بالسياسية الداخلية والأمن القومي، يؤكد كثيرون أنه يعكس رغبة مشتركة في تعزيز التعاون، لاسيما بعد أن تعهد ترامب بتسهيل عملية الانتقال السياسي، في حين أكد بايدن استعداده للحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة.
وبحسب مراقبين، فإن اللقاء يعد خطوة نحو تخفيف الانقسامات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ويعكس اهتماما بإيجاد مساحات للحوار البنّاء.
ووصف إدوارد جوزيف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز، اللقاء بـ”العلامة الجيدة” وتجاوز “الرمزية” لاسيما مع تأكيد الطرفين على انتقال سلمي للسلطة، وأن الاقتباسات من تصريحات ترامب وبايدن “كانت حافلة بالاحترام”.
توقع إدوارد جوزيف أيضا أن يساعد هذا الاجتماع على التقليل من الانقسام السياسي الداخلي “رغم التحديات الكبيرة”.
فاللقاء، بحسب رأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز، “إشارة مهمة ليس فقط للعالم بل في الداخل الأميركي، وهي أن بايدن وترامب وضعا الخلافات جانبا في هذه المرحلة المهمة، ووضعا مصلحة البلاد أولا من خلال انتقال سلمي للسلطة لا يستغله الخصوم” بحسب تعبيره.
إدوارد جوزيف أوضح أن اللقاء كان “رسالة رمزية داخلية مهمة” لكنه لا يعني انتهاء الخلافات العميقة بين الحزبين، بحسب تعبيره.
وقال بيتر بروكس، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، بدوره، لقناة “الحرة” إن الاجتماع “الطويل” ناقش ملفات عدة أبرزها العلاقات الخارجية التي هي في أعلى سلم الأولويات، وإن فتح هذه الملفات هو فرصة لحديث “هادئ” بين الطرفين، وهو “آخر فرصة للرئيس بايدن كي يعطي رأيه لترامب في هذه القضايا”.
ولم يستبعد بروكس محاولة بايدن تحقيق مكاسب إضافية في الفترة القصيرة المتبقية على حساب ترامب، لكنه وصف ذلك بالخطوة الاستفزازية، إذ “رغم قدرة الرئيس بايدن على اتخاذ قرارات جديدة لتعزيز موقفه، ترامب قادر أيضا على تغيير ذلك لاحقا”.
وأوضح نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق أن الطرفين حاولا جعل هذا الاجتماع وديا لكنه توقع أن تخرج لاحقا تصريحات استفزازية.
وأضاف أن الطرفين في هذه الفترة يرغبان في انتقال سلس للسلطة وهذا انعكس من خلال اللقاءات التي يجريها بايدن وإدارته الحالية مع ترامب وأعضاء فريقه المرشحين لستنم حقائب وزارية جديدة.
وقال جو بايدن، إن الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، جاء إلى البيت الأبيض بمجموعة من الأسئلة المفصلة، وذلك عقب لقاء بينهما في البيت الأبيض، الأربعاء، استمر ساعة و54 دقيقة.
وذكر البيت الأبيض أن اللقاء بين بايدن وترامب كان وديا و بناء، وطول مدة الاجتماع تدل على عمق المحادثات بينهما.
وأشار إلى أن الاجتماع تناول مواضيع جوهرية تتعلق بالسياسية الداخلية والأمن القومي، مؤكدا أن بايدن يرغب في إبقاء قناة التواصل مفتوحة مع ترامب.
ترامب أكد أن العملية الانتقالية ستكون “أسلس ما يمكن”، وقال بعد مصافحة بايدن في المكتب البيضاوي إن “السياسة صعبة وليست عالما جميلا. لكن العالم جميل اليوم، وأنا أقدّر ذلك خير تقدير”.
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، قالت للصحفيين، الثلاثاء، عن قرار بايدن دعوة ترامب “إنه يؤمن بالأعراف، يؤمن بمؤسستنا، يؤمن بالانتقال السلمي للسلطة… هذا هو العرف. هذا الذي من المفترض أن يحدث”.
وتبادل بايدن وترامب الانتقادات الشديدة لسنوات، ويتخذ فريقاهما مواقف مختلفة تماما بشأن السياسات من تغير المناخ إلى روسيا إلى التجارة. وصور بايدن (81 عاما) ترامب على أنه تهديد للديمقراطية، بينما صور ترامب (78 عاما) بايدن على أنه غير كفء.
وقال البيت الأبيض إن فريق ترامب، الذي أعلن بالفعل اختيار بعض أعضاء إدارته، لم يوقع بعد على اتفاقيات من شأنها أن تؤدي إلى توفير مساحات مكتبية ومعدات حكومية بالإضافة إلى الوصول إلى مسؤولين حكوميين ومنشآت ومعلومات.
وقال برايان فانس، المتحدث باسم فريق ترامب لتسلم السلطة، في إشارة إلى القانون الذي يحكم عملية الانتقال “يواصل محامو عملية انتقال (السلطة) إلى ترامب وفانس التواصل بشكل بناء مع محامي إدارة بايدن و(نائبة الرئيس كامالا) هاريس في ما يتعلق بجميع الاتفاقيات المنصوص عليها في قانون انتقال الرئاسة”.
وذكرت فاليري سميث بويد، مديرة مركز الشراكة من أجل الخدمة العامة لانتقال الرئاسة، وهي منظمة غير ربحية تقدم المشورة لأي إدارة مقبلة، أن الاتفاق يؤكد على أن للولايات المتحدة رئيسا واحدا فقط في كل مرة، ويتضمن تعهدات بتوقيع مواثيق أخلاقية بعدم التربح من المعلومات المقدمة في عملية الانتقال.