ألقى رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، اليوم الأحد 1 كانون الأول (ديسمبر) 2024، كلمة بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الجامعة الأمريكية في كوردستان، مجدداً التزامه بالارتقاء بمسيرة التعليم العالي لضمان مستقبل الأجيال القادمة.
وخلال الحفل الذي أقيم في أربيل بحضور عدد من المسؤولين والدبلوماسيين، أعرب رئيس الحكومة في كلمته، عن فخره بالإنجازات التي تحققت في مجال التعليم العالي، كما أكد عزم الحكومة على تعزيز هذا القطاع بصفته ركيزة أساسية في بناء الدولة.
وفيما يلي نص الكلمة:
رئيس إقليم كوردستان كاك نيجيرفان بارزاني،
الدبلوماسيون، الضيوف الأكارم، أعضاء الهيئة التدريسية، والطلبة والخريجون وأصدقاء الجامعة الأمريكية،
مساء الخير.
نلتقي اليوم للاحتفال بمناسبة مهمة – الذكرى العاشرة لتأسيس الجامعة الأمريكية في كوردستان. إنها لحظة فخر وإلهام عظيمة لنا جميعاً، لحظة نحتفل بها ونستشرف أثرها للأجيال القادمة. باسمي وبالنيابة عن حكومتي، أتقدم بأحر التهاني لكل من ساهم في هذه الرحلة الرائعة.
وأنا أقف هنا، استرجع الأيام التي كنت فيها طالباً. كنت جاداً ومصمماً، أحرص دائماً على الاستفادة القصوى من كل فرصة تُسنح لي. لقد كنت محظوظاً بالدراسة في الجامعة الأمريكية في واشنطن العاصمة.
بينما كنتُ أواصل دراستي في الجامعة الأمريكية، كانت أفكاري غالباً ما تتجه صوب شباب وطننا الموهوبين والمبدعين الذين يفتقرون إلى نظام تعليمي عالمي المستوى. كنت أحلم بمستقبل يتيح لهم الحصول على تعليم عالي الجودة دون الحاجة إلى مغادرة وطنهم. كانت تلك رؤية طموحة حينها، لكنني تمسكتُ بها. وبعد 30 عاماً، أشعر بتواضع كبير لرؤية هذا الحلم يصبح واقعاً من خلال الجامعة الأمريكية في كوردستان – جامعة تستلهم النموذج الأمريكي للتعليم، وتهدف لنقل أفضل ممارساته إلى بلدنا، مع وضع تمكين شباب كوردستان في صميم فلسفتها.
يحق لنا جميعاً أن نفخر بما حققناه. عندما أسسنا الجامعة الأمريكية في كوردستان، واجهنا العديد من التحديات الكبيرة. فقد كان إرهابيو داعش لا يبعدون عن حرمنا الجامعي سوى بـ12 كيلومتراً، وقد عقدنا اجتماعات لا تعد ولا تحصى في الخطوط الأمامية أثناء دفاعنا عن وطننا. كان الإرهاب، ولاحقاً جائحة كورونا (كوفيد-19)، يشكلان عقبات هائلة. ومع ذلك، واصلنا السير قدماً في رحلتنا بفضل صمودنا وإصرارنا.
في عام 2018، شرعنا في رحلة الحصول على الاعتماد الأمريكي. ورغم التحديات، تمكّنا من إقناع لجنة نيو إنكلاند للتعليم العالي بالقدوم إلى كوردستان وبدء عملية الاعتماد. واليوم، أشعر بالفخر لأن أقول إن الجامعة الأمريكية في كوردستان هي المؤسسة الوحيدة على مستوى العراق التي حصلت على صفة الترشيح، مما يعني أن اعتماداتها معترف بها من جانب وزارة التعليم الأمريكية، ويمكن للطلبة تحويل اعتماداتهم إلى أي مؤسسة أخرى حول العالم. إن هذا الإنجاز لا يعكس فقط التزامنا بالمعايير العالمية، بل يشكل أيضاً نقطة انطلاق لرؤية حكومتي الأوسع لإنشاء هيئة اعتماد وطنية، وهي هيئة اعتماد كوردستان للتعليم.
بهذا الإنجاز الرائع، تستعد الجامعة الأمريكية في كوردستان للاضطلاع بدور محوري في منظومة التعليم العالي على الصعيدين الإقليمي والوطني. وعلى ضوء رؤية حكومة إقليم كوردستان 2030، تفخر الجامعة بقيادة فريق متخصص في مجال التعليم، بدءاً من مرحلة رياض الأطفال وصولاً إلى الصف التاسع عشر، فريق يكرّس جهوده للارتقاء بالمعايير الأكاديمية، وتعزيز ضمان الجودة، وتقديم التوصيات لإصلاحات أساسية في السياسات بهدف إحداث ثورة في التعليم للأجيال القادمة.
لقد أصبحت الجامعة الأمريكية في كوردستان منارة للتميّز، ليس في مجال التعليم فحسب، بل أيضاً في مجال الصحة. فلدينا تتصدر كلية التمريض موقع الريادة في مجال الابتكار، حيث توفّر لأخصائيي الرعاية الصحية المستقبليين أحدث المعارف والمهارات. إن خريجينا، الذين غرسنا فيهم قيم الاحتراف المهني وزودناهم بمهارات القرن الحادي والعشرين، أصبحوا اليوم عناصر فاعلة في إحداث التغيير في أماكن عملهم وخارجها. كما نشارك في تقديم برامج التطوير المهني للمهنيين في القطاعين العام والخاص.
إلى جانب ذلك، تؤدي الجامعة الأمريكية في كوردستان دوراً أساسياً في دفع عجلة اقتصادنا قُدماً من خلال إعداد قوى عاملة بجودة عالية وسوق عمل قادر على مواجهة التحديات المعاصرة. ويتماشى هذا مع رسالة الجامعة في الإسهام ليس فقط في تطوير نظامنا التعليمي والأكاديمي، إنما أيضاً في تعزيز التقدم الاجتماعي والاقتصادي لشعبنا.
يسعدني أن أُشير إلى أن نحو 70% من طلبتنا يستفيدون من المنح الدراسية المتنوعة، والتي أصبحت ممكنة بفضل الدعم السخي من المانحين والمحسنين، فضلاً عن المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية، وشركائنا من الشركات. ولضمان الاستدامة المالية على المدى البعيد، أنشأنا صندوق أوقاف تابعاً للجامعة الأمريكية في كوردستان في الولايات المتحدة الأمريكية، مع خطط طموحة لتحقيق نمو كبير في السنوات القادمة.
لم يكن لأيٍ من هذا أن يتحقق لولا تفاني مجلس الأمناء ودعمه. فخلال العقد الماضي، كان لرؤيتهم واهتمامهم المستمر دور بالغ الأثر في تشكيل نجاح هذه المؤسسة. كما أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لإدارة الجامعة على قيادتها خلال الأوقات العصيبة، وضمانها لاستمرار نمو الجامعة وتميّزها.
وبينما نحتفل بالذكرى السنوية العاشرة، دعونا لا نتوقف عند إنجازاتنا فحسب، بل علينا أن نتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقاً. سنواصل معاً الارتقاء بالجامعة الأمريكية في كوردستان نموذجاً للتميّز، ونسهم في تشكيل مستقبل التعليم العالي في بلدنا وخارجه، باعتباره ركيزة أساسية في عملية بناء الدولة.
ويطيب لي أن أعبر عن امتناني لرئيس إقليم كوردستان كاك نيجيرفان بارزاني، على دعمه المستمر خلال السنوات العشرة الماضية للجامعة الأمريكية في كوردستان. كما أتوجّه بالشكر إلى مؤسسة الجامعة الأمريكية في كوردستان على تفانيها والتزامها برسالتنا. وختاماً، أود أن أعرب عن تقديري العميق للحكومة الفيدرالية الأمريكية على دعمها السخي للجامعة خلال السنوات الأربع الماضية.
شكراً لكم، وتهانينا مجدداً لكل من شارك في هذه الرحلة الرائعة.