اغتال رجل مسلح قاضيين داخل المحكمة الإيرانية العليا في طهران السبت، ما يثير تساؤلات حول قدرة إيران على تأمين مؤسساتها خاصة أن القاضيين متخصصين في قضايا الإرهاب ومحاكمة المعارضين السياسيين. وتأتي عملية اغتيال القاضيين، وهي هجوم نادر يستهدف القضاء، في وقت تواجه فيه إيران اضطرابات اقتصادية وهجمات إسرائيلية على حلفائها في الشرق الأوسط وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الذي يتبنى إستراتيجية الضغوط القصوى على طهران.
وأوردت وكالة “ميزان أونلاين” التابعة للسلطة القضائية أن “رجلا دخل هذا الصباح (السبت) إلى المحكمة العليا في عملية اغتيال مخطط لها لقاضيين مخضرمين وأرداهما” قبل أن “يقدم على الانتحار“. وذكرت “ميزان أولاين” أن القاضيين اللذين قتلا هما علي رازيني رئيس الفرع الـ39 للمحكمة العليا ومحمد مقيسة رئيس الفرع الـ53 في المحكمة ويختصان في قضايا “مكافحة جرائم التجسس والإرهاب وزعزعة الأمن“. وكان القاضيان معروفين بملاحقة الناشطين وإصدار أحكام قاسية عليهم على مدى العقود الماضية.
ولم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن إطلاق النار على القاضيين محمد مقيسة وعلي رازيني. لكن تورط رازيني في إصدار أحكام الإعدام التي جرت عام 1988، ربما جعله هدفا في الماضي، بما في ذلك محاولة اغتياله في عام 1999. وبحسب وكالة مهر للأنباء اتخذت السلطة القضائية في العام الماضي إجراءات واسعة النطاق لتحديد هوية ومحاكمة واعتقال العملاء والعناصر المرتبطين بـ”الكيان الصهيوني سيئ السمعة والولايات المتحدة والعملاء والجواسيس والجماعات الإرهابية“.
ولم يتضح على الفور الدافع وراء اغتيال القاضيين إلا أن وكالة “ميزان أولاين” ذكرت أن المهاجم لم يكن ضالعا في أيّ من القضايا التي تنظر بها المحكمة العليا من دون أن تعطي أيّ تفاصيل أخرى حول هويته. وأوعز الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لقوات الأمن في البلاد إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحديد هوية “الآمرين والقائمين على هذه الجريمة“.
وأضاف “لا شك أن المسيرة والنهج اللامع لهذين القاضيين الكادحين والمخضرمين لدى المحكمة العليا، اللذين أفنيا عمرهما في مواجهة شتى الجرائم المناوئة للأمن القومي والدفاع عن حقوق الشعب، سيتواصل بقوة ولن يتم المساس بسير تنفيذ العدالة في البلاد إطلاقا“.
وفي 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على القاضي مقيسة البالغ 68 عاما، بسبب “ترؤسه عددا لا يحصى من القضايا غير العادلة وُجهت فيها تهم لا أساس لها مع تجاهل للأدلة” على ما أفادت وزارة الخزانة الأميركية.
أما رازيني البالغ 71 عاما والذي تولى مناصب مهمة في السلطة القضائية الإيرانية فقد استُهدف في 1998 بمحاولة اغتيال نفذها مهاجمون “زرعوا قنبلة مغناطيسية في سيارته” بحسب “ميزان أولاين”. وفيما الهجمات على القضاة نادرة الحدوث في إيران، شهدت البلاد عددا من حوادث إطلاق النار استهدفت شخصيات رفيعة المستوى في السنوات الأخيرة.
ففي أكتوبر، قتل رجل دين شيعي بالرصاص في مدينة كازرون في جنوب البلاد بعدما أمّ صلاة الجمعة. وفي أبريل 2023، قتل رجل الدين النافذ عباس علي سليماني بالرصاص في محافظة مازندران في شمال البلاد. وفي أغسطس 2005 اغتال مسلحان القاضي المعروف حسن مقدس بعدما صعدا إلى سيارته في حي يشهد حركة كبيرة في طهران. وقد أعدم شنقا شخصان أدينا بقتله في مراسم علنية بعد سنتين على ذلك.
وأوعز الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى القيادة العامة للأمن الداخلي في إيران باتخاذ إجراءات عاجلة لتحديد هوية الآمرين والقائمين على تنفيذ عمليتي اغتيال قاضيين السبت في طهران. وأضاف “إن حادث استشهاد اثنين من القضاة البارزين حجة الإسلام علي رازيني، وحجة الإسلام محمد مقيسة، إثر عملية اغتيال جبانة ووحشية، أصابني ببالغ الحزن والأسى“.
وقال “إنني أطالب قوى الأمن الداخلي بشدة، أن يباشروا على وجه العجالة في الكشف عن جوانب وأركان هذا العمل البغيض، ويتخذوا الإجراءات اللازمة بهدف تحديد الآمرين والقائمين على هذه الجريمة“.