سحب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي من البرلمان بشكل رسمي، بعد أن باتت بعض القوى من الإطار التنسيقي الشيعي تستخدم مشروع القانون كورقة لتعطيل جلسات المجلس.
منذ شهر كامل والخلافات السياسية بين كتل وأحزاب الإطار التنسيقي الحاكم في العراق والمتعلقة بملف إقرار مشروع قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، تعطل جلسات البرلمان، رغم وجود عشرات القوانين الأخرى التي تحتاج للقراءة والتصويت عليها.
وقال النائب مصطفى السند في تدوينة له عبر فيسبوك، إن السوداني سحب قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي هيئة الحشد من مجلس النواب بشكل رسمي”، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
إلى ذلك، كشف مصدر في الإطار التنسيقي اليوم الثلاثاء، عن الأسباب وراء سحب السوداني القانون من البرلمان.
وقال المصدر في تصريح لوكالة “شفق نيوز” الكردية العراقية إن “الغاية من سحب هذا القانون هو لتقليل الخلاف السياسي وعدم تأثيرها على جلسات مجلس النواب على اعتبار ان انعقاد الجلسات أصبح مرهوناً بإضافة القانون على جدول أعمال المجلس”.
وأشار المصدر إلى أن “الخلافات بين كتل الإطار التنسيقي على فقرة السن لاتزال مستمرة ولم تحسم على الرغم من اجتماعات واللقاءات التي انعقدت بوقت سابق”.
وحسب وسائل إعلام عراقية فقد أبلغ قادة الإطار التنسيقي، رئيس الوزراء العراقي خلال اجتماع، ليلة الاثنين، بتعديل فقرة في قانون تقاعد الحشد، تضمن بقاء القادة الحالية في الهيئة، وتحديدا رئيسها فالح الفياض، وذلك في خطوة لتدارك التعطيل المستمر لجلسات البرلمان.
وذكرت أن هناك حديث حول إدراج القانون بعد التعديل على جدول أعمال البرلمان وفق مبدأ “السلة الواحدة” مرافقا لقانون تعديل قانون هيئة المساءلة والعدالة وتحويل مدينة حلبجة إلى محافظة.
ويرى البعض أن سحب القانون يمثل خطوة إيجابية نحو إعادة النظر في بعض بنوده، وتعديلها بما يتوافق مع مصلحة البلاد، بينما يعتقد آخرون أن سحب القانون يمثل تراجعاً عن حقوق منتسبي هيئة الحشد الشعبي.
ويشهد مجلس النواب، تعطيلا مستمرا لجلساته، عبر عدم تحقق النصاب القانوني لعقدها، رغم إعلان جدول الأعمال وتحديد موعد الجلسة، فمنذ 16 فبراير الماضي لم يتمكن البرلمان من عقد جلسة له بسبب الخلافات السياسية بين الكتل حول بعض القوانين، فيما جاء شهر رمضان ليزيد من التعطيل رغم الإعلان عن تحويل الجلسات إلى المساء.
وفي وقت سابق الثلاثاء، رجح عضو مجلس النواب العراقي المستقل جواد اليساري عدم انعقاد جلسة مجلس النواب بسبب استمرار مقاطعة أغلب النواب للجلسات، احتجاجا على عدم إدراج قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي ضمن جدول الأعمال.
وقال اليساري في لوكالة “شفق نيوز”، إن “لمؤشرات تؤكد أن جلسة مجلس النواب لهذا اليوم الثلاثاء، لن تُعقد، كما حدث في الجلسات السابقة، وذلك بسبب استمرار مقاطعة معظم النواب، ولا سيما من كتل الإطار التنسيقي، للجلسات احتجاجاً على عدم طرح قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي للتصويت”.
وأضاف أن “عقد جلسة للبرلمان خلال شهر رمضان يبدو أمراً صعباً في ظل الخلافات والصراعات السياسية المستمرة، ما يعني أن الجلسات ستظل معلقة إلى ما بعد عطلة عيد الفطر، إلى حين التوصل إلى اتفاق بين الأطراف السياسية حول تمرير القانون”.
وكان من المفترض أن يعقد مجلس النواب العراقي جلسته الاعتيادية اليوم، حيث يتضمن جدول الأعمال مواضيع عدة بينها التصويت على مشروع قانون التعديل الرابع لقانون الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط رقم 20 لسنة 1998، بالإضافة إلى التصويت على قرار بالتوصية لوزارة التربية لإعادة العمل بنظام المحاولات.
كما كان من المقرر أن يناقش المجلس، تقرير اللجنة النيابية المؤقتة لمتابعة الحفاظ على أملاك الدولة، والقراءة الأولى لمشروع قانون إلغاء قانون تصديق اتفاقية إعفاء حملة جوازات السفر الدبلوماسية والخدمة من سمة الدخول بين العراق وقبرص، والقراءة الأولى لمقترح قانون التعديل الثاني لقانون المختارين رقم 13 لسنة 2011.
هذا ويتضمن جدول الأعمال أيضاً، تقرير ومناقشة القراءة الثانية لمقترح قانون التعديل الرابع لقانون تدرج ذوي المهن الطبية والصحية رقم 6 لسنة 2000.
والجدير بالذكر أن جدول جلسة اليوم الثلاثاء، هو مكرر لجدول أعمال جلسة السبت الماضي والتي فشل في انعقادها بسبب عدم تحقيق النصاب القانوني.
وكان النائب المستقل حسين السعبري، قد كشف الأحد، عن وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.
ويخضع حل البرلمان في العراق للمادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالغالبية.
وفشل مجلس النواب، في 8 آذار مارس ، في عقد جلسته له بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني بسبب مقاطعة كتلتي صادقون النيابية وائتلاف دولة القانون لعدم إدراج فقرة قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي ضمن جدول اعمال الجلسة.
ويواجه تعطيل جلسات البرلمان جملة انتقادات سياسية ونيابية، حيث اعتبرت هذا التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصا ان هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج الى عقد جلسات المجلس من اجل تشريعها وأبرزها قانون الحشد والموازنة وقانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب وقانون النقابات وقرار نظام المحاولات.
وكان المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أكد في 8 مارس الجاري، أن الحكومة لم تبلغ رسميا بحل الحشد الشعبي او أي مؤسسة امنية أخرى، فيما أشار الى عدم وجود أية ضغوطات حول الفصائل أو الدولار أو شركة النفط “سومو”، الأمر الذي يكشف حجم الضغوط والصراعات داخل البلاد.
جاء ذلك بعد تصريحات السياسي عزت الشابندر في 6 مارس الجاري، التي أكد فيها أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجه أوامر للعراق وليست نصائح كما يروج لها”، مبينا أن “ذلك جاء عن طريق اتصال هاتفي لوزير خارجيته بالسوداني، حيث تركزت الأوامر على قطع الغاز الإيراني، ونزع سـلاح الفصائل، وحل الحشد الشعبي عبر دمجه بالمؤسسات الرسمية، بحيث يتم توزيع أفراده على قطاعات مختلفة مثل المرور، الإطفاء، أو حتى كـ”نواطير”، حسب تعبيره.
وأضاف أن “الحديث جاء بالنص: هذه أوامرنا ويجب أن تنفذوها”، مستطردا بالقول “إذا لم نستجب لأوامر ترامب فإننا سوف نعاني، لذا يجب على الحكام العراقيين أن يصارحوا شعبهم بهذه الحقيقة لكي يقفوا معهم”.
ويُعدّ قانون “الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي”، من القوانين المثيرة للجدل، إذ يمثل خلافاً داخل البرلمان ومع الحكومة أيضاً، وقد أخفق البرلمان أخيرا في التوصل إلى صيغة توافقية بشأن فقراته، خاصة أنه يشمل إحالة نحو 4 آلاف، بينهم قادة في الخط الأول بالحشد، على التقاعد لبلوغهم السن القانونية.
وتتنازع الكتل الشيعية في البرلمان على تمرير القانون، الذي جرت قراءته الأولى والثانية قبل أسابيع، لكن الخلافات بشأن فقرة تحديد سن التقاعد قد حالت دون إقرار القانون حتى الآن.
وينقسم الإطار التنسيقي بشأن قانون الحشد، إلى معسكرين متباينين، الأول، يقوده ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي وعصائب أهل الحق برئاسة قيس الخزعلي، والذي يتمسك بتمرير القانون دون النظر إلى تبعاته، حتى لو أدى إلى استبعاد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وعدد من القيادات، طالما أنه يضمن حقوق مئات الآلاف من المقاتلين ويحافظ على استقرار المؤسسة الأمنية.
والثاني منظمة بدر برئاسة هادي العامريومعها بقية قوى الإطار، حيث يتمسكون ببقاء الفياض في منصبه، خشية أن يؤدي تعيين بديل “متشدد” إلى إحراج الحكومة أمام الأطراف الدولية، وهو ما يلقى دعم السوداني.
ويمثل تعديل قانون تقاعد هيئة الحشد الشعبي، إحدى القضايا المعقدة والمثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي، ففي عام 2024، أرسلت الحكومة تعديلا للقانون، يتضمن وضع حدود دنيا وعليا لرواتب منتسبي الحشد والسن القانونية للتقاعد، إلا أن مجلس النواب أخفق في التوصل لصيغة توافقية على القانون، في جلسته التي عقدت في الرابع 4 فبراير الماضي، وتم رفعه من جدول الأعمال.