أكد الخبير في الشؤون الكوردية والعراقية، كفاح محمود، أن الإشكاليات العالقة بين أربيل وبغداد لا يمكن حسمها إلا بالعودة إلى الدستور العراقي، رغم محاولات بعض القوى السياسية الالتفاف عليه أو تعطيل بنوده، ولا سيما تلك التي تخص العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان.
وقال محمود: «مهما تعقّدت الإشكاليات بين بغداد وأربيل، يبقى الدستور العراقي هو الفيصل بينهما، رغم أن هناك قوى نافذة في بغداد، إما تتحايل على الدستور بانتقائية واضحة أو تخترقه وتعطّل الكثير من مواده، خاصة المواد المتعلقة بالإشكاليات مع أربيل».
قانون النفط والغاز.. مفتاح الحل المعطّل
وأضاف محمود: «قانون النفط والغاز هو الذي يمكن أن يحل كل الإشكاليات بين الطرفين، حيث كُتبت مسودته بعد تشريع الدستور مباشرة في العام 2005، لكن للأسف الشديد، وحتى العام 2007، لم تتفق القوى السياسية على تلك المسودة، ما دفعها إلى وضع القانون على رفوف البرلمان، إلى أن تولى محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء، والذي فشل هو الآخر رغم وعده بتشريع القانون خلال ستة أشهر من توليه رئاسة الحكومة الاتحادية».
وتابع قائلاً: «تلك القوى السياسية التي أعاقت تشريع القانون منذ العام 2005 لا تزال فاعلة حتى الآن، وتقف خلف الكثير من عمليات الإبطاء والتعطيل للقوانين الدستورية غير المُفعّلة، وفي مقدمتها المجلس الاتحادي، إذ لا يزال البرلمان العراقي يسير بقدم واحدة بعد تعطيل تفعيل الغرفة الثانية المتمثلة في المجلس الاتحادي».
إيقاف تصدير نفط الإقليم.. لعبة سياسية أم خلاف فني؟
وفيما يتعلق بتصدير نفط إقليم كوردستان، أوضح محمود أن «القوى السياسية تعمل ليل نهار على تعطيل موضوع إعادة تصدير النفط إلى شواطئ البحر المتوسط عبر ميناء جيهان التركي منذ شهر آذار 2023 وحتى يومنا هذا، ورغم التوافقات التي جرت بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، إلا أن معظم الشركات الأجنبية التي تقوم باستخراج النفط من الإقليم لم تتفق حتى الآن، رغم إقرار المحكمة الاتحادية بتعديل قانون الموازنة وبما يرفع قيمة برميل النفط من 6 إلى 16 دولاراً».
وأكد أن «رغم حكم المحكمة والتفاهمات التي جرت خلال الفترة الماضية، إلا أن القوى السياسية تعمل على تعطيل تنفيذ عملية التصدير لأسباب واهية، تطلق عليها تارة فنية وتارة أخرى سياسية».
الانتخابات تقترب والإشكاليات باقية
وأشار الخبير في الشؤون الكوردية إلى أن «التقدم في إيجاد حلول للإشكاليات بين بغداد وأربيل خلال هذه الفترة، وحتى موعد الانتخابات العامة في تشرين الثاني المقبل، يبدو صعبًا جداً، حيث يُرجّح أن تستغل بعض القوى السياسية في بغداد هذه الملفات كدعاية انتخابية، خاصة ما يتعلق بالموازنة والنفط ورواتب الموظفين وصلاحيات الإقليم».
وأضاف: «في النهاية يبقى الدستور هو الفيصل الوحيد لحل الإشكاليات، ويبدو لي أنه من الصعب جداً أن تتفق الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم على حل تلك القضايا في ظل غياب قوة دولية ضامنة، سواء كانت الأمم المتحدة أو دولاً مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، أعضاء مجلس الأمن، لتكون ضامنة للاتفاقات التي تتم بين الجانبين بشأن ملف المناطق الكوردية خارج إدارة الإقليم، مثل كركوك وسهل نينوى ومنطقة سنجار وخانقين، والكثير من المناطق التي تشملها المادة 140 من الدستور».
دور أمريكي مرتقب؟
وختم محمود بالقول: «مسألة نفط الإقليم المتوقفة منذ أكثر من عامين، والتي تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة، تُعد محل اهتمام من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحفّز الحكومة الاتحادية على إعادة تصدير النفط، وفي كل الأحوال فإن وجود طرف ثالث مهم جداً لحل مثل هذه النزاعات، خاصة أن البيئة السياسية التي يُفترض أن تُبنى عليها التوافقات لا تزال هشة، ويسودها انعدام الثقة بين الطرفين».