ئاژانسی هەواڵی زاگرۆس

إسطنبول ونجل أربكان… إردوغان يخسر مرتين

2018 كان عاماً ثقيلاً على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، حين ظهر نجم اثنين من السياسيين الشباب؛ الإسلامي فاتح أربكان، زعيم حزب «الرفاه من جديد»، والعلماني أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز وجوه المعارضة في البلاد.

في ديسمبر (كانون الأول) ذلك العام، سافر كليتشدار أوغلو، وكان زعيماً لحزب «الشعب الجمهوري»، إلى منزل حسن إمام، والد أكرم، في ولاية طرابزون، وقال: «جئنا نطلب يد ابنك لإسطنبول».

يومها كان أكرم إمام رئيساً لبلدية «بيليك دوزو»، حي الطبقة المتوسطة في إسطنبول الأوروبية، شمال بحر مرمرة، الذي تحول بعد زلزال عام 1999، وبسبب مبانيه الحديثة، إلى تجمع للمهاجرين الخائفين من المنازل المتهالكة في البلدات المجاورة.

في غمرة تحضيرات المعارضة، أعلن فاتح أربكان تأسيس حزب «الرفاه من جديد»، بنزعة إسلامية، وبمباركة من عبد الحميد قايي خان، حفيد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.

في 2019 فاز أكرم إمام بانتخابات محلية خسرها حزب «العدالة والتنمية»، وانتزع حلم إردوغان التاريخي في عمادة إسطنبول.

بعد 6 سنوات، في الاقتراع المحلي الذي أُجري الأحد الماضي، ينجح عمدة إسطنبول في الاحتفاظ بالقلب التاريخي والاقتصادي لتركيا، أما أربكان، المفاجأة، فقد حوّل جزءاً من أصوات حزب «العدالة والتنمية» لصالحه، بعد منافسة تحكمت بها عوامل متشابكة، لم تكن الحرب في غزة بعيدة عنها.

حقق «الشعب الجمهوري» فوزاً كبيراً بمدينتي إسطنبول وأنقرة الرئيسيتين، وحل أولاً بنحو 37.7 في المائة من أصوات الناخبين في عموم البلاد، وانتزع بـ35 بلدية.

وفاز حزب «الرفاه من جديد» ببلديتين كبريين، من بينهما «يوزغات» و«شانلي أورفا»، المدينة التاريخية جنوب شرقي البلاد، أحد معاقل «العدالة والتنمية».

طريق أكرم إمام

من المرجح أن طريق إمام أوغلو كانت مُعبّدةً إلى حد كبير داخل الحزب المعارض، الذي أجرى مراجعة عاصفة لخسارته الانتخابات البرلمانية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتهت بإطاحة كليتشدار أوغلو من زعامة «الشعب الجمهوري».

لطالما أثار أكرم إمام انتباه المراقبين في تركيا، ولأنه يمثل حزباً قومياً علمانياً يكابد مراجعات تاريخية طويلة بشأن ضموره السياسي في البلاد، قدم الرجل نموذجاً مغايراً إلى حد ما.

لقد كان مفاجئاً أن يحضر عمدة إسطنبول عام 2019 صلاة الغائب على أرواح ضحايا هجوم مسجدين في نيوزلندا؛ شوهد يقرأ آيات قرآنية، بينما كان الجو العام داخل حزبه ينخرط في خطاب كراهية ضد الإسلاميين، حزب «العدالة والتنمية» على وجه الخصوص.

وصاغ أكرم إمام خطاباً معتدلاً مع سكان إسطنبول، وبدا أنه لا يواجه مرشحي الأحزاب المنافسة الأخرى، بل حتى حزبه الذي تتنازع أطرافه على قيادة المعارضة.

خلال حملته الانتخابية، كان أكرم إمام يتجول بين بلدات إسطنبول متحدثاً عن الخدمات والاقتصاد وحرية التعبير، بينما اضطر الرئيس إردوغان إلى خوض حملات مرشحيه في المدينة نيابةً عنهم، ولم يتحدث إلا عن «حماية منجزات تركيا من الآخرين»، وتعهَّد في آخر خطاب قبل الاقتراع، لنحو 16 مليون تركي يعيشون في إسطنبول، بـ«عصر جديد» في المدينة.

في النهاية، فاز أكرم أمام بفارق تجاوز مليون صوت عن أقرب منافسيه، وزير التخطيط العمراني السابق، مراد كوروم، المرشح البارز لحزب «العدالة والتنمية».

إردوغان لم يخسر عمادة إسطنبول وحسب، لقد أُزيح حزبه من 9 بلديات مهمة في المدينة، أهمها «أسكودار» حيث يقع منزل إردوغان.

ويتذكر الأتراك حين فاز إردوغان بالرئاسة في يونيو (حزيران)، ذهب إلى «أسكودار» للاحتفال هناك، وصعد على متن حافلة أمام منزله وغنى باللغة التركية أمام حشود: «لمن لا يسأل ومن لا يسمع، نقوله له: نحبه… نحبه كثيراً»، وقال: «من هنا تبدأ مسيرتنا، نحن عشاق إسطنبول».

على ما يبدو، وطبقاً لنتائج الانتخابات، اختارت «أسكودار» مجلساً بلدياً من المعارضة، كما هو حال بلديات أخرى كانت تحت سيطرة الحزب الحاكم مثل «أيوب سلطان»، و«بيرم باشا».

في خطابه الأخير من أنقرة، التي خسرها أيضاً للمعارضة، قال إردوغان: «ما حدث نقطة تحول (…) وكما يقول الأجداد: الخير فيما وقع».

في التوقيت نفسه تقريباً، كان أكرم إمام يُلقي خطاب الفوز وسط إسطنبول أمام آلاف المحتفلين، «انتهت فترة الرجل الواحد. الأمة أعطت التعليمات، والجمهورية ستمضي من الآن وصاعداً، بأقصى سرعة».

كيف فاز أكرم إمام؟ ببساطة لأن إردوغان خسر الانتخابات. صحيح أن العامل الاقتصادي لعب دوراً حاسماً في تقرير مصير النتائج، لكن لماذا لم يكن هذا التأثير حاسماً في الاقتراع الرئاسي الذي فاز به إردوغان العام الماضي رئيساً لتركيا؟ يومها كان التضخم مرتفعاً أيضاً والقوة الشرائية في مستوى متدنٍّ.

«الأتراك يصوّتون للأشخاص الذين يحبونهم»، هذه العبارة ردّدها صحافيون ومراقبون ضيّفتهم وسائل الإعلام التركية خلال اليومين الماضيين، حين حاولوا الإجابة عن سؤال: لماذا خسر «العدالة والتنمية»؟

وانتقد كثيرون إردوغان على سياسته الحزبية التي قدمت للمجتمعات البلدية في تركيا شخصيات لم تحظَ بقبول السكان، وبات الأمر كأن الناخبين يفصلون بين إردوغان وحزبه؛ يصوّتون له، دون مرشحيه.

أربكان الابن… والأب

أكثر من أكرم إمام، كانت ضربة فاتح أربكان توجع أكثر. هذا الأخير كان حليف «العدالة والتنمية» في الانتخابات الرئاسية، ولم يكن كذلك في الانتخابات المحلية.

في خطاب الفوز، قال أربكان: «أصبحنا نجم هذه الانتخابات، ونتائجها أحيت المشروع الوطني»، الذي تبناه والده نجم الدين أربكان، رئيس الوزراء الأسبق، والذي يعده كثيرون عراب إردوغان ومعلمه، قبل أن يتمرد عليه.

صحيح أن حزب أربكان تحالف مع «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية الماضية، لكنّ مسار العلاقة بينهما تَعقّد أكثر، لا سيما مع بدء الحرب على غزة.

ويعتقد كثيرون أن مساهمة أربكان في هذا التحالف لعبت دوراً حاسماً في ترجيح كفة إردوغان على كمال كليتشدار في السباق الرئاسي الأخير.

لقد طالب فاتح أربكان مراراً بقطع العلاقات مع إسرائيل، وضغط أنصاره وقيادات حزبه على الرأي العام لمعرفة حجم التبادل التجاري معها، حتى قرر في فبراير (شباط) الماضي الانشقاق عن «تحالف الجمهور» بقيادة إردوغان، في الانتخابات المحلية.

يربط كثيرون انشقاق أربكان بما فعله إردوغان نفسه حين تمرد على معلمه أربكان الأب، وساعده ذلك على الفوز ببلدية إسطنبول عام 1994، خصوصاً أن غالبية قيادات «الرفاه من جديد» الآن هم من المنشقين عن «العدالة والتنمية».

والد فاتح، نجم الدين أربكان رئيس الوزراء الأسبق بين 1996 و1997، كان زعيماً لحزب «الرفاه»، وتبنى منهج «مللي جورش»، (وتعني الرؤية الوطنية)، الذي يؤمن بأن «تطور تركيا يكون بالمحافظة على قيمها الدينية، ومنافسة الغرب بتحالفات واسعة مع الدول الإسلامية».

يتصاعد هذا الخطاب الآن بين أوساط «الأربكانيين» مع تفاقم الحرب في غزة، وتفاعل أربكان نفسه مع ذلك، حين كان يزرو أنطاكيا مطلع مارس (آذار) بالدعوة إلى «إغلاق قاعدة كوارجيك للرادار»، إلى جانب وقف التجارة مع إسرائيل.

تركيا غداً… مشهد جديد

بينما كانت تركيا تعلن نتائج الانتخابات الأخيرة، وأظهرت تقدم حزب أربكان الابن في عدد من الولايات، أجرى إردوغان مكالمة هاتفية مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لبحث «الأوضاع في غزة».

يشير صحافيون أتراك إلى أن الرئيس التركي سيُغيّر قليلاً من خطابه السياسي بشأن غزة أمام قاعدة شعبية ناقمة، لكنَّ قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل مرحلة متقدمة ومحل شك حتى الآن.

ماذا يعني كل هذا؟ من المرجَّح أن يتحرك إردوغان سريعاً لمراجعة البنية الهيكلية لحزب «العدالة والتنمية»، لا سيما الكوادر المحلية، بهدف عمليات تجديد قد تظهر خلال الأشهر المقبلة.

كما سيجري إردوغان تغييرات متوقعة على مواقفه السياسية بشأن إسرائيل، دون أن يذهب بعيداً إلى قطع العلاقات الاقتصادية لأن تركيا لا تملك الآن هذه الرفاهية.

في المقابل، فإن انكماش «العدالة والتنمية» في هذه الانتخابات شجع مراقبين على تقديم تصورات بشأن الانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي ستكون وفقاً للمعطيات الحالية حلبة منافسة بين فاتح أربكان وأكرم إمام، في مشهد قد يغيّر الكثير في تركيا الحديثة وفي المنطقة.

 

الشرق الاوسط

هەواڵی پەیوەندیدار

بلينكن يعد إقليم كوردستان حجر الزاوية في علاقات أمريكا “الشاملة” مع العراق

کەریم

الرئيس بارزاني يهنئ بالذكرى الـ 65 لإصدار جريدة ‹خبات›

کەریم

باحث: بعض اطراف “إدارة الدولة” لا تلتزم بالاتفاق السياسي بما يخص كوردستان

کەریم