مع ان كثيرا يفهمون الفرق سياسيا بين الضرورة و الرغبة لغة و اصطلاحا او يفهمون احدهما، او كونوا صورة عن الضرورات السياسية و الرغبات، لكن الفيصل في اثبات الفهم هو التصرف السياسي، و الجهل بذلك لا يشفع لاهتزاز مكانة الفاعل السياسي ان كان يقدم الرغبة على الضرورة معتقدا انهما نفس الشيء و يؤديان نفس المؤدى.
اتكلم في السياسة و ادواتها و اوراقها القابلة للتداول، و اتكلم عن السياسي المحترف الذي قدم منجزا او السياسي الواعد الذي يُنتظر منه ان يقدم. واعني بالمنجز ايجاد مفيدٍ او الحفاظ على المنجز و طبعا و الاهم مع الاول اي ايجاد مفيد، وهو الثالث: البناء، بناء الانسان السليم فكرا و اختيارا، ادامة حياته و فتح مستقبل آمن له.
الضرورة و الرغبة قد يتجاوران، هدفا و عملا، يكون ذلك في المشاريع السياسية- اتكلم عن السياسة- الحقيقية، المشاريع السياسية الواقعية، و بصدق اقولها: مشروعنا القومي و الوطني في الحركة التحررية الكوردستانية و في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، في مناطقنا و في باقي كوردستان و العراق، مارس الضرورات و الرغبات السياسية لانه- مشروعنا- معادلة صحيحة الارقام حقيقية الوجود، وبصورة اقرب هما مثل اليدين يد تتعامل مع الضرورات و اخرى تخطط للرغبات السياسية، كنا نضطر للقتال سلاحا و سياسة، وكانت رغبتنا السياسة الجلوس للتفاوض و تحكيم ميزان العدالة و الركون للحوار، لماذا؟ لان الحرب استثناء و السلام هو القاعدة، اقول هذا لاصل الى تفصيل موجز للعنوان( ضرورات سياسية لا رغبات)، ذلك ان العمل السياسي المنبثق عادة من تنظيم حزبي لا مكان فيه لمن لا يستوعب آليات العمل مهما كان تأثير ذلك الشخص او الكيان غير المستوعب لمّا اختار السياسة، لقد زالت حركات سياسية و انظمة كانت من الوجود و الضخامة بمكان، زالوا و بعيدا عن العامل الخارجي، اما لعدم فهم متى تكون الرغبة و متى يصار للضرورة، او لانهم قدموا الرغبة السياسية وهي مغرية في الشرق اذ الاضواء كثيرا ما كانت سبب مَصارِعَ كثيرين.
الرغبة في الحكم مباحة لكنها محكومة بأدوات و قوى و نتائج، و القضايا داخل الخلافات السياسية و المصلحية قنابل موقوتة و الغام بلا خرائط، ومثل الراغب في الحكم بلا دراية او المسارع لدعايات المجد الاصطناعي، كمثل الداخل لحقل ملغوم او المدعي بقدرته على نزع الفتيل.
قضايا معقدة
قضايانا صعبة و معقدة و متراكمة وعليها من اللغط الكثير، لكنها تتطلب فهما للادوار و فصلا بينها او ربطا متمكنا بين الادوار سياسيا و اداريا، لكنها ليست مستحيلة او عصية على الحل، اما سبب تضخمها فيعود لحلاوة في السلطة خَطِرٌ ادمانها و نتائجها الكارثية سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا بل وجودا مطلقا، متناثرة حول بلادنا.
ليس من العدالة و لا من الحنكة السياسية في شيء ان يتوارث العراقيون و الكورد و الكوردستانيون نتائج عدم فهم السياسيين و صناع القرار جيلا بعد جيل.
الحكم لاجل حاضر و مستقبل افضل مع رغبة واقعية و ادوات متاحة ضرورة، اما الرغبة السياسية لخلق زعامة مصنعة ففساد كلما تأخر اصلاحه زاد خرابه، الناس بحاجة لتصحيح مسار و عدالة قانون و معيشة كفاية لا كفاف، اما مصانع اهل الرغبات مقلدي اسوأ ممارسات الماضي فليعلموا ان من سبقهم لما يكرروه هم اليوم قد تحطم جراء رغباته الشخصية المغلفة بضرورة سياسية مكذوبة.
راجعوا معدلات الفقر و الجريمة و تقييد الحريات و انخفاض قيمة النقد، و جربوا ان تعالجوها بالرغبات التمجيدية الفردية او حتى الجمعية، ثم اخبرونا النتيجة.
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني
صحيفة الزمان