ئاژانسی هەواڵی زاگرۆس

الكورد يختارون صانع معجزتهم…مهند محمود شوقی

لعل أول انطباع يمكن الخروج به من التقدم الكبير للحزب الديمقراطي الكوردستاني في الانتخابات المحلية في إقليم كوردستان العراق هو أنه فوز لثقافة الحياة ويمثل إنجازا كبيرا وملموسا لرئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني. ما حدث يكتسب أهمية مضاعفة لأنه جرى في منطقة غارقة بالأزمات، وعلى وقع تهديدات وتهديدات مضادة بين قوتين كبريين في المنطقة هما إيران وإسرائيل. ذهب الكورد إلى صناديق الاقتراع، ونجحوا في إيصال رسالة واضحة لا تحمل أي لبس بمراهنتهم على خيار الاستقرار وعدم الانجرار إلى لعبة المحاور.

تبلغ المفارقة الكوردية ذروتها بأنها تأتي على الضد من كل التوقعات بأن يصبح الإقليم ساحة انشقاقات. كان بوسع الحزب الديمقراطي الكوردستاني مجاراة لغة التصعيد التي سبقت الانتخابات. هناك الكثير من المحطات التي عرقلت الوصول إلى لحظة النجاح الراهنة. ولا نبالغ عندما نقول إن مراهنة الكثير من الأطراف الكوردية والإقليمية كانت على نجاحها في استثارة الأزمة داخل الإقليم. لكن ما حدث هو أن رباطة جأش مسرور بارزاني، في قيادته لمسيرة الحزب الانتخابية ولنجاحه في منع السياسة من أن تتحول إلى مصدر مشكلة للأداء الحكومي في الإقليم، أوصلتنا إلى ما يمكن تسميته نقطة الانطلاق إلى زمن البناء والنجاح وتثبيت أركان الإنجاز في كوردستان.

صقلت التجارب كوردستان التي اعتادت خوض المواجهات مع عمالقة إقليميين منذ أيام الزعيم المؤسس الملا مصطفى بارزاني. ناضل الراحل طيلة حياته بتفان من أجل قضية شعبه. استطاع أن يترك لابنه الرئيس مسعود بارزاني نواة دولة متماسكة ترنو إلى السلام والاستقرار اللذين حرمت منهما طويلا بغير حق. ترك له إرادة الصبر ومنطق التسامح وكان الابن خير خلف لخير سلف.

حمل الرئيس مسعود الراية بحنكة وشجاعة دفاعا عن شعبه الذي تعرض للظلم من قبل حكومات بغداد المتعاقبة. كانت حكومات ما بعد 2003 “قريبة” من طهران أكثر مما ينبغي وهو ما سمح لبغداد أن تعمل على مصادرة المزيد من حقوق الكورد. وضع الرئيس مسعود نصب عينيه حقيقة أن استعادة الحقوق المسلوبة صراع يكاد لا ينتهي، خصوصا إذا كانت موازين القوى تعاني من خلل مزمن، وخصوصا عندما يرتبط الأمر بالأطماع وكان الطرف “الصغير” يملك قدرا وفيرا من الثروات الطبيعية التي جعلته دوما موضع حسد “الكبار”.

هكذا قاد الرئيس مسعود بنجاح شعبه بغية تحرير كوردستان من سطوة نظام صدام حسين في مسيرة شاقة دخل خلالها في تحالفات صعبة اقتضت المرحلة عقدها، فكان على مستوى المسؤولية. وبنفس الروح استمر لما بعد سقوط النظام. كان لسان حاله هو أن الطريق إلى الحرية الكاملة ونيل الحقوق غير المنقوصة، لن يكون يوما معبدا بالورود.

خاضت أربيل بقيادة الرئيس مسعود مواجهات لا تتوقف بقيت خلالها حريصة على العدالة وحماية الأمن والاستقرار حتى حين كان هذا الموقف يكلّفها أثمانا غير قليلة. لذلك استطاعت البلاد أن تتجاوز أزمة استفتاء الاستقلال في 2017، ومضت بخطوات ثابتة إلى الأمام على الرغم من “ألغام” ظلت تنفجر هنا وهناك، تارة على شكل انخفاض في أسعار النفط، وأخرى كصعوبات ناجمة عن الاشتباكات الخفية بين أنقرة وطهران. إلا أن عام 2022 شهد الحدث المفصلي الذي لن ينساه الكورد، إذ خذلتهم المحكمة الفيدرالية العليا بقرارها الذي حرمهم مما يعتبرونه حقهم المشروع في استثمار النفط الذي تختزنه أرض بلادهم. ثم وجهت إليهم المحكمة الدولية للتحكيم في العام التالي ضربة جديدة حينما اعتبرت أن تصدير كوردستان 400 ألف برميل من نفطها يوميا عبر تركيا كان “غير قانوني”.

لم تعد أربيل تواجه التوازنات المضطربة من حولها ومراكز القوى الإقليمية التي تكاد اشتباكاتها لا تهدأ حتى تندلع من جديد وحسب، بل ضم الفقر صوته إلى خصوم كوردستان. لكنها معركة تمرّس على خوضها الرئيس مسعود بارزاني ويقودها اليوم ببسالة مسرور بارزاني.

ولعل المثير للدهشة والإعجاب معا، أن الإقليم الصغير حجما بالمقارنة مع جيرانه لم يترك السلطة أو القوة أو الاقتصاد تشغله عن مثله العليا. فهو يعوّل على الإنسان أولا وأخيرا. المنطقة تشتعل، لكن قيادة الإقليم وأهله يجدون متسعا في هذه الظروف الاستثنائية لتعزيز الديمقراطية وصون الحريات وحماية العدالة التي تضمن الحياة الكريمة للشعب وتفجر طاقاته الخلاقة.

المسيرة وقد أعلنت عن انطلاقها من جديد، تجد منذ اليوم الأول بعد إعلان نتائج الانتخابات من يريد أن يعرقلها. ولكن لا يوجد أفضل من النجاح للرد على مساعي المعرقلين. فطريق التقدم الذي يسير عليه مسرور بارزاني معبد بالعمل الجاد. رجل قليل الكلام كثير الفعل. قيادة تنظر إلى كوردستان ولا تفاضل بين ما يحاول الآخرون جعله واقعا على أنها جغرافيا لها وجغرافيا عليها. هذا وطن الكورد، كيفما اختاروا أن يضعوا اختيارهم في صناديق الاقتراع. إنها مراهنة على الإنسان لقيادة تقول لنفسها قبل أن يقول الآخرون لها، “ها أنا أذهب إلى الانتخابات بكل فخر لأمتحن إنجازي، وأسمع من شعبي”.

طريق مسرور للتقدم نحو المستقبل الأفضل يتحول من محطات معرقلة إلى مسار معبد بالعمل الجاد والإنجاز. طريق لا مكان فيه للاستعراضات أو العضلات أو المزايدات. طريق مفتوح دون دلالات بشعارات فارغة.

صناعة الإنجاز تجعل الأمل يبدو أشبه بمعجزة. ولكل معجزة هناك من يصنعها. الكورد بتصويتهم الجارف للحزب الديمقراطي الكوردستاني وبتحميلهم مسؤولية القيادة لمسرور إنما اختاروا بكل ثقة من يكون صانع معجزتهم.

هەواڵی پەیوەندیدار

العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي… مصطفى فحص

کەریم

تأجيل الإنتخابات المؤجلة ، أم الرضوخ للإملاءات الخارجية ؟… صبحي ساله يي

کەریم

الحملات الانتخابية بين الشعارات البراقة والقدرات المحدودة!… عبدالله حعفر كوفلي

کەریم