رفع التحالف الشيعي الحاكم في العراق سقف الضغط على الأحزاب السنية، وقرر منحها أسبوعاً واحداً لاختيار مرشح لرئيس البرلمان وعقد جلسة انتخابه، في حين قال مصدر موثوق إن «طرفاً شيعياً انقلب على اتفاق سابق مع (حزب تقدم) بزعامة محمد الحلبوسي يتيح له تقديم مرشحه».
وأفادت مصادر عراقية، الأسبوع الماضي، بأنَّ أحزاباً سُنية وشيعية باتت قريبة من حسم الخلاف على رئاسة البرلمان.
وقالت المصادر لصحيفة «الشرق الأوسط» إنَّ «القوى السياسية توافقت بعد أشهر من الخلافات على تعديل النظام الداخلي للبرلمان، ليتمكّن من فتح باب الترشيح مجدداً لمنصب الرئيس».
ومضى أكثر من 6 أشهر لم تتمكن خلالها القوى السياسية العراقية من اختيار بديل لرئيس البرلمان العراقي السابق «المقال» محمد الحلبوسي.
مهلة أسبوع
وأعلن الإطار التنسيقي عزمه عقد جلسة لانتخاب رئيس البرلمان بعد أسبوع، وطالب في بيان صدر ليل الاثنين – الثلاثاء «الكتل السنية بتحمل مسؤوليتها تجاه شغور المنصب الأساس في النظام السياسي».
وقال الإطار التنسيقي، الذي يضم القوى الشيعية الرئيسية في العراق عدا التيار الصدري، إنه حدد موعداً لعقد جلسة انتخاب رئيس البرلمان بعد انتهاء مهلة الأسبوع، من أجل التفرغ على جداول موازنة 2024.
وصدر بيان الإطار بعد اجتماع قادته في منزل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ببغداد.
وكان «حزب تقدم» يكافح من أجل تعديل هذا النظام الذي تمنع صيغته الحالية من فتح باب الترشح للمنصب مرة ثانية.
ونقلت «الشرق الأوسط» عن مصادر عراقية أن اتفاقاً أولياً على تعديل النظام الداخلي ليسمح بتقديم مرشحه، لكن الأمور تغيرت الآن بشكل مفاجئ.
وقال مصدر سني موثوق: «طرف شيعي واحد على الأقل داخل الإطار التنسيقي انقلب على الاتفاق، ولم يعد لحزب الحلبوسي مرشح حتى الآن»، وتابع: «حدث مستجد ما، وليس من الواضح مدى جديته».
خر «ربع ساعة»
وقال سياسي عراقي أن «قيادة (حزب تقدم) حاولت إقناع أطراف داخل الإطار التنسيقي بتعديل المادة 12 حتى الربع ساعة الأخير من اجتماع قيادة الإطار التنسيقي، لكن المحاولة لم تنجح بسبب تغلب قوة مؤثرة داخل الإطار بأن يعد مخالفة مزدوجة للدستور ولقرار المحكمة الاتحادية التي أقرت صحة جلسة البرلمان التي عقدت في الثالث عشر من يناير (كانون الثاني) الماضي، التي يجب استكمالها بما يبقي التنافس محصوراً بين الثلاثة المتبقين على حلبة المنافسة».
وأخفق البرلمان خلال شهر يناير الماضي، في انتخاب رئيس جديد للبرلمان، بعد أن تنافس على المنصب 5 من المرشحين، 4 من السُّنة وواحد شيعي.
ورغم حصول مرشح «حزب تقدم» شعلان الكريم على 152 صوتاً، وبحاجة إلى 13 صوتاً إضافياً فقط للفوز بالمنصب، فإن مرشح «حزب السيادة» بزعامة خميس الخنجر، النائب سالم العيساوي، حصل على 97 صوتاً، وهو ما يعني بقاء كل منهما في دائرة المنافسة بالجولة الثانية.
والتعديل على المادة 12 من النظام الداخلي سيكون بإضافة فقرة تجيز فتح باب الترشيح «في أي وقت».
وأضاف السياسي أن «الحلبوسي انطلق من فكرة أن حزبه يملك الأغلبية السنية وهو الأحق بالمنصب، وحصل اتفاق أولي في البداية مع أطراف في الإطار التنسيقي اقتنعت بتعديل المادة 12، وفتح باب الترشيح بما يسمح لحزب الحلبوسي تقديم بديل للنائب شعلان الكريم الذي كان حصل على 152 صوتاً في الجولة الأولى، لكنه انسحب فيما بعد بسبب فيديو تمجيد صدام حسين».
وقال السياسي، إن «قوى مؤثرة داخل قوى الإطار رأت أن تعديل المادة يسمح لمعارضي قوى الإطار وخصومهم داخل البيت الشيعي بالهجوم عليهم بما يجعلهم في موقف ضعيف أمام جمهورهم، لا سيما أنهم يستعدون من الآن إلى الانتخابات المقبلة».
وأوضح السياسي العراقي أن «نقاشات دارت قبل اتخاذ قرار بمنع تعديل المادة، وإصدار بيان مختصر يلزم السنة بالتوافق على مرشحهم لغرض عرضه على التصويت هو أن إبقاء إدارة البرلمان بالنيابة عند النائب الأول الشيعي، يعد انتصاراً للطرف السني الذي يريد تعطيل المسار الدستوري بسبب الإصرار على تعديل المادة».
صفقة إطارية
في هذا السياق، قال ياسين البكري، أستاذ العلوم السياسية في كلية النهرين، إن «الإطار حسم أمره في أن يكون الأسبوع المقبل موعداً لتمرير جلسة انتخاب رئيس البرلمان».
وأضاف البكري، أن «الإطار التنسيقي أوصل رسائل عدة للقوى السنية بأنه المتحكم بالملف وشروطه الآنية والمستقبلية هي التي تحدد المسار، فضلاً عن مخاوف بعض قادة الشيعة من أن بقاء المندلاوي فترة أطول قد تزيده قوة، والنتيجة أن مكاسبه مهما صغرت ستكون من رصيدهم».
وبشأن إمكانية أن يتوافق السنة على مرشح معين، رأى البكري أن «التوافق السني على شخصية واحدة صعب جداً، وواضح ذلك من حراك كتلتي (السيادة) و(عزم) على عمار الحكيم وقيس الخزعلي اللذين يصران على مرشح (السيادة) سالم العيساوي».
وافترض البكري حل أزمة رئيس البرلمان «بقدرة نوري المالكي على إقناع محمود المشهداني بالانسحاب من الترشح للمنصب، مقابل صفقة محافظ ديالى أو محافظة بديلة يقدمها (هادي) العامري للمالكي، ضمن صفقة داخل الإطار، أكثر من كونها مع القوى السنية».