شهد البرلمان التركي اشتباكات وأحداثاً عاصفة خلال جلسة استثنائية عقدها، الجمعة، بناء على طلب أحزاب المعارضة لمناقشة أسباب عدم تنفيذ قرار المحكمة الدستورية بالإفراج عن نائب حزب «العمال التركي» المعارض جان أتالاي وإعادته إلى البرلمان.
واشتعلت الجلسة، التي أدارها نائب حزب العدالة والتنمية عن ولاية يوزغات وزير العدل السابق بكير بوزداغ، أثناء إلقاء نائب حزب العمال التركي عن مدينة إسطنبول، أحمد شيك، كلمة حمل فيها الحكومة المسؤولية عن عدم تنفيذ قرار المحكمة الدستورية، معترضاً على إدارة بوزداغ، الذي كان وزيراً للعدل عندما تم اتخاذ قرار رفع الحصانة وتجريد أتالاي من مقعده البرلماني في بداية عام 2023.
ووجّه شيك، وهو أيضاً صحافي تركي بارز، كلمات إلى نواب حزب العدالة والتنمية، قائلاً: «ألا تخجلون؟! أليست لديكم كرامة أو شرف؟!»، وصرخ رئيس مجموعة حزب العدالة والتنمية عبد الله غولر قائلاً: «اخرس»، ليرد عليه شيك: «اخرس أنت».
وعلى الفور اندفع نائب حزب العدالة والتنمية، لاعب كرة القدم السابق، ألباي أوزالان، وهو المدير المسؤول عن النظام خلال جلسات البرلمان، باتجاه شيك، خلال إلقاء كلمته، ووجّه إليه الصفعات واللكمات، ليقع اشتباك انضم إليه نواب حزب العدالة والتنمية، تسبب في إصابة عدد من النواب، بينهم نائبة حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب»، المؤيد للكورد، جوليستان كليتش كوتش يغيت، ونائب حزب الشعب الجمهوري، أوكان كونور ألب.
وبعد توتر الوضع في قاعة البرلمان، قرر بوزداغ، رفع الجلسة لمدة 15 دقيقة، قام خلالها العاملون بالبرلمان بتنظيف أرضية القاعة من الدماء.
وبعد استئناف الجلسة، بدأ النائب أحمد شيك استكمال كلمته، لكن عاد التوتر ووقعت اشتباكات مرة أخرى، ما اضطر بوزداغ إلى رفع الجلسة لمدة 45 دقيقة.
وعلق زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، على ما حدث بالجلسة قائلاً إنه «مدعاة للخجل».
وأضاف أوزيل، الذي حضر الجلسة الاستثنائية للبرلمان، رغم إصابته الخميس بكسر في الساق: «نحن في بيئة تتطاير فيها اللكمات وترتفع قبضات اليد في الهواء وتسيل الدماء على أرض البرلمان».
وتساءل: «إذا تعرض النواب للكمات ورأينا الدماء تسيل داخل البرلمان فماذا يقول المواطنون؟ لقد ضربوا (نواب العدالة والتنمية) النساء، إنه أمر مخزٍ»، داعياً رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، إلى التدخل بشكل عاجل ودعوة رؤساء المجموعات البرلمانية للاجتماع.
وتسبّب عدم تنفيذ قرار المحكمة الدستورية، الصادر في فبراير (شباط) الماضي، الذي نُشرت حيثياته بالجريدة الرسمية في وقت سابق من أغسطس (آب) الحالي، والذي قضت فيه بأن تجريد النائب جان أتالاي، المحكوم بالسجن 18 عاماً في قضية «جيزي بارك»، من مقعده البرلماني «باطل ومُلغى»؛ في جدل سياسي واسع وسط مطالبات المعارضة بالإفراج عنه وإعادته إلى البرلمان. وقدّمت أحزاب المعارضة «العمال التركي»، الذي ينتمي إليه أتالاي، و«الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، و«الديمقراطية ومساواة الشعوب» المؤيد للكورد، و«الديمقراطية والتقدم»، و«السعادة»، و«المستقبل»، الأسبوع الماضي، طلباً مشتركاً دعت فيه البرلمان إلى قطع عطلته الصيفية الممتدة حتى أول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وعقد جلسة استثنائية، لمناقشة القرار.
ولم يحضر نواب حزب «الحركة القومية»، حليف حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، في «تحالف الشعب»، الجلسة الاستثنائية حول قضية أتالاي.
وحُكم على أتالاي (48 عاماً)، وهو محامٍ وسياسي، بالسجن 18 سنة، عام 2022، بعد إدانته بمحاولة الإطاحة بالحكومة من خلال تنظيم احتجاجات على مستوى البلاد في حديقة جيزي في إسطنبول عام 2013، بالتنسيق مع رجل الأعمال الناشط المدني، عثمان كافالا، المسجون أيضاً إلى جانب 6 آخرين.
وفي يناير 2023، جرّد البرلمان أتالاي من مقعده بعد صدور حكم قضائي بحقه، لكنه انتُخب لعضويته في مايو (أيار) من العام ذاته عن مدينة هطاي جنوب تركيا للمرة الثانية على التوالي، رغم وجوده بالسجن.
وأمرت المحكمة الدستورية في 22 فبراير الماضي بالإفراج عنه وإعادته إلى البرلمان، ونشرت حيثيات القرار في مطلع أغسطس الحالي، بعد نحو 5 أشهر ونصف الشهر من صدوره.
وقال دنيز أوزن، محامي أتالاي: «إن الوضع الحالي له هو (احتجاز) وليس له أساس قانوني، ويجب على المحكمة الجنائية العليا في إسطنبول أن تقرّر على الفور إطلاق سراحه، وعدم الانتظار حتى انتهاء العطلة القضائية».