دعا رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، يوم الأربعاء 30 تشرين الأول 2024، الأطراف السياسية للإسراع بتشكيل حكومة قوية، وأثنى على جهود جميع المؤسسات في إنجاح العملية الانتخابية، كما شدد على ضرورة إعادة تصدير نفط إقليم كوردستان حيث عدّ توقفه ضرراً كبيراً على الاقتصاد العراقي.
وأشاد نيجيرفان بارزاني خلال حديثه في ملتقى ‹ميري› المنعقد في أربيل، بالدعم والجهود التي بذلتها رئاسة الحكومة الاتحادية والقضاء والمحكمة الاتحادية ومجلس النواب فيما يتعلق بالعملية الانتخابية، وقدم شكر خاص للمفوضية التي عملت «بشكل مهني بعيد عن التحيز».
وقال إن «الانتخابات مهمة لأنها مصدر الشرعية للسلطات في كوردستان، باعتبارنا اخترنا السبل الديمقراطية للحوكمة من خلال عملية الاقتراع».
وشدد على أن الفائز الأكبر في هذه الانتخابات هو الشعب في كوردستان والعراق، مشيراً إلى أن النسبة المشاركة 72% ليست نسبة قليلة.
وأضاف أن «مشروع الديمقراطية في تطور مستمر بالرغم من بعض النواقص، وقد أثبت شعب كوردستان أنه جدير بالحصول على المزيد من المكتسبات».
وعبّر عن فخره حين شهدت أربيل حملتين انتخابيتين لحزبين كبيرين بنفس الوقت، من دون تسجيل خروقات ومشاكل.
وتحدث نيجيرفان بارزاني عن مرحلة ما بعد الانتخابات بالقول: «أجرينا الانتخابات ولا يمكن أن نبقى في تلك الأجواء الانتخابية، بل حان وقت إجراء محادثات والعمل لتشكيل حكومة قوية».
وأكد على أن المعارضة تستطيع أن تقوم بمهامها في البرلمان، ولها دور كبير لمهام الرقابة والنقد.
وعدّ نيجيرفان بارزاني نسبة المشاركة بمثابة «رسالة تفيد بأن الناخبين وثقوا بنا، ما يعني يجب أن نكون في مستوى تلك الثقة، وعلى الأحزاب السياسية إدراك ذلك».
وبيّن أنه لا يمكن لأي طرف أن يشكل الحكومة لوحده، لذا على الأطراف أن تتعاون لتشكيل حكومة ائتلافية.
وباعتبار أن إقليم كوردستان كيان سياسي دستوري ضمن دولة العراق الفيدرالية، قال إن هذه الانتخابات هي الأهم منذ 1991، مبيناً أنها المرحلة الأنسب لحل المشاكل بما في ذلك القضايا العالقة مع بغداد، داعياً إلى البدء من داخل الإقليم، وتشكيل حكومة قوية.
وانتقد نيجيرفان بارزاني طريقة تعامل الحكومة الاتحادية مع الإقليم، حيث تتعامل كحكومة مركزية وليس فيدرالية.
ونوه إلى أن هذه الانتخابات هيأت أرضية مناسبة لكيفية التعامل مع الحكومة الاتحادية وحل جميع المشاكل مثل مسائل الموازنة والمادة 140 وغيرها.
وأوضح أن «هناك اختلاف رؤى بين أربيل وبغداد، وهو أن الإقليم يرى بغداد على أنها تفرض مركزيتها وتقلص امتيازات وصلاحيات الإقليم، بينما بغداد ترى أن ما استحصله إقليم كوردستان يتجاوز الفيدرالية ولديه امتيازات كبيرة، بالمحصلة يجب إيجاد حل يقرب رؤى الطرفين».
وأشار إلى انتهاء مرحلة الانتخابات بالقول: «ما بين الأحزاب والأطراف السياسية ليست عداوة بل منافسة، وحان موعد البدء بتشكيل حكومة قوية وبأسرع وقت».
وأضاف: «لا يمكن أن تكون ثمة حكومة بدون الديمقراطي الكوردستاني أو الاتحاد الوطني، والأرقام واضحة».
وفيما يتعلق بالقضايا النفطية العالقة مع بغداد، بما في ذلك توقف تصدير نفط إقليم كوردستان، قال نيجيرفان بارزاني إن «النفط ليس قضية سياسية بل اقتصادية، حيث أجازت تركيا أن نصدر نفطنا عبرها، وتركيا لم تكن مستفيدة من هذه الخطوة، بينما العراق هو المتضرر الأكبر من توقف تصدير نفط اقليم كوردستان».
وكشف أن ضرر العراق من توقف تصدير نفط كوردستان تجاوز الـ 15 مليار دولار.
ودعا بغداد لأن تفكر بشكل «عقلاني واقتصادي» حول الضرر والفائدة، وأن تقرر بأن الحل الأصح هو أن يعود النفط إلى أنابيب التصدير.
وبشأن الأوضاع في الشرق الأوسط، قال إن هناك حرب كبيرة في المنطقة، وما يهم بشكل خاص إقليم كوردستان والعراق عامةً، هو الابتعاد عن الصراع، عازياً ذلك إلى أن الوضع في العراق لا يسمح بدخول البلاد إلى مثل هذه الصراعات.
وأضاف: «يجب أن نتعاون معاً ونكون داعمين لرئيس الوزراء الاتحادي الذي يبذل جهوداً كبيرة لإبعاد العراق من الصراع الدائر في المنطقة».
وأكد أن التحالف الدولي قدم دعماً كبيراً للعراق في حربه ضد الإرهاب، وقد جاء بطلب رسمي من العراق، واليوم وبعد 10 سنوات أشار إلى أنه من الطبيعي أن يعيد العراق كدولة ذات سيادة النظر في مرحلته ووضعه الأمني ويقيّم شؤونه.
وقال: «إننا في إقليم كوردستان نرى أن داعش لا يزال يشكل خطراً وتهدياً لأمن البلاد».
وفي حديثه عن الفئة الشابة، قال: «كل بلد يستطيع كسب الفئة الشابة سيكون قوياً بلا شك، وشبابنا لديهم قابلية لأن يكونوا فاعلين في هذا الوطن والمستقبل بيدهم».
كما شدد على أهمية التعايش المشترك في الإقليم، محذراً من نسف هذا التعايش، مشيراً إلى أهمية أن يسير الجيل على نهج قبول الآخر بغض النظر عن انتماءاتهم.
ورداً على سؤال حول التقارير التي تتحدث عن مشروع سلام في تركيا، قال: «منذ قدوم الحكومة الحالية في تركيا نرى أن هناك تقدم ملحوظ في القضية الكوردية. سيسعدنا أن نرى تطوراً في هذا المسار». مجدداً على موقف إقليم كوردستان الواضح والداعم من المشروع.
وشدد على أن إنجاح أي مشروع للسلام «لا يساعد تركيا فحسب بل المنطقة برمتها».
وأعتبر نيجيرفان بارزاني بأن حزب العمال الكوردستاني يشكّل مشكلة ليس لتركيا فقط بل لإقليم كوردستان أيضاً، داعياً الحزب أن يتوقف عما يقوم به من أفعال تخل بالاستقرار.
وتابع بالقول: «نحن مع حل المشكلة في إطار أوطانهم عبر الحوار والطرق السليمة سواء في سوريا أو في إيران أو في تركيا».