أكد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، اليوم الاثنين، على منع التدخلات الخارجية بمختلف صورها، وحصر السلاح في يد الدولة، ومكافحة الفساد، وتحكيم سلطة القانون، وطالب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان، بتنفيذ الأولويات في صالح العراق، وذلك خلال استقباله بمقر إقامته في النجف.
وبحسب بيان لمكتب السيستاني نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”، فقد “رئيس بعثة يونامي شرحا موجزا حول مهام البعثة الدولية والدور الذي تروم القيام به في الفترة القادمة، وفي المقابل رحّب السيستاني بحضور الأمم المتحدة في العراق وتمنى لبعثتها التوفيق في القيام بمهامها”.
وتحدث السيستاني عن “التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحالي، وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد “، طبقا لما أوردته الوكالة.
وقال المرجع الشيعي الأعلى، بحسب البيان إنه “ينبغي للعراقيين – ولا سيما النخب الواعية – أن يأخذوا العِبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز اخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار”.
واستدرك قائلا “ذلك لا يتسنى من دون منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات”. وأوضح “لكن يبدو أن مسارا طويلا أمام العراقيين حتى يصلوا إلى تحقيق ذلك”.
ويعاني العراق انتشار الأسلحة بين الأهالي داخل المدن وخارجها، في ظل الحروب المتلاحقة والأوضاع السياسية غير المستقرة، وتستخدم في النزاعات بين الأفراد والقبائل، ولها سوق كبيرة وتجار.
وثمة تقديرات حول وجود 15 مليون قطعة سلاح خارج إطار الدولة، الأمر الذي شكل تحدياً كبيراً أمام الحكومات العراقية المتعاقبة التي سعت إلى نزع السلاح دون جدوى. وأطلقت وزارة الداخلية العراقية، العام الماضي، استراتيجية لحصر السلاح بيد الدولة.
وفي ما يخص الأوضاع الملتهبة في المنطقة عبّر السيستاني، عن “عميق تألّمه للمأساة المستمرة في لبنان وغزّة وبالغ أسفه على عجز المجتمع الدولي ومؤسساته على فرض حلول ناجعة لإيقافها أو في الحدّ الأدنى تحييد المدنيين من مآسي العدوانية الشرسة التي يمارسها الكيان الصهيوني”. بحسب البيان.
وكان السيستاني قد حذر سابقا من صدامات ذات “نتائج كارثية” ودعا إلى مزيد من الضغوط لوقف الحرب في قطاع غزة ولبنان، لكن من دون أن يصل الأمر إلى حد إصدار فتوى بالجهاد الكفائي كما حصل في السابق في الحرب على داعش.
وتأتي مواقف المرجع الشيعي الأبرز في العراق، بعد تحذير وجهته إسرائيل إلى بغداد بأنها ستنفذ هجمات في العراق في حال استمرت الميليشيات الولائية في توجيه ضربات إليها.
وحددت إسرائيل أهدافا في العراق ستضربها، إذا استمرت ميليشيات تدعمها إيران في مهاجمة إسرائيل من هناك، وفق تقرير نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الأحد.
وانخرطت الميليشيات العراقية الموالية لإيران في الصراع منذ أشهر بتوجيه ضربات إلى إسرائيل وهددت بإشعال أزمة طاقة في العالم إذا تم استهداف المنشآت النفطية الإيرانية.
وخلال الشهر الماضي، أثار تلويح إسرائيل باستهداف السيستاني غضب الميليشيات الموالية لإيران والحكومة العراقية، بعد أن نشرت القناة اليمينية الإسرائيلية “14”، في الثامن من أكتوبر الماضي صورة له، ضمن قائمة لأهداف الاغتيال المحتملة.
وظهرت صورة السيستاني إلى جانب قادة إقليميين مثل زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، ونائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار الذي قتلته إسرائيل منتصف الشهر الماضي، وقائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، والمرشد الإيراني علي الخامنئي.
وأكد ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحساني خلال لقائه المرجع الديني الأعلى في العراق، الإثنين، رفضه المساس بمقام المرجعية.
وقال الحساني في مؤتمر صحافي بعد اللقاء “تشرفت بلقاء السيستاني واستمعت إلى حكمته ورؤاه للمنطقة والعراق”. مضيفا “تعلمون مكانة السيستاني في العالم الإسلامي والعالمي وأنا سعيد بهذا اللقاء”.
وتابع “اتفقت مع السيستاني على العمل المشترك على تعزيز مكانة العراق، ونحن لا نقبل بأي مساس بمقام المرجعية”.
وأكد الحساني أن “مشورة السيستاني تحظى باحترام المبعوثين الخاصين ونحن نؤكد أن الأمم المتحدة ستستمر في دعم العراق”.
وأوضح أن “السيستاني طلب مني تنفيذ الأولويات بما هو لمصالح العراق وهو يتوقع أن يعزز العراق علاقاته مع جيرانه”.
وبين ممثل الأمم المتحدة في العراق “نحن ملتزمون في دعم الأولويات للعراق ولا نتدخل إلا في المشورة”.
كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد أعلن، منتصف يوليو الماضي، تعيين العُماني محمد الحسان رئيساً جديداً لبعثتها في العراق (يونامي) خلفاً لجينين هينيس بلاسخارت، مؤكداً أن الحسان، الذي يتحدّث اللغات العربية والإنكليزية والنرويجية والروسية، لديه خبرة تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً في مجال الدبلوماسية الوقائية وبناء السلام والتنمية.
وغادرت بلاسخارت منصبها نهاية مايو الماضي، وكانت قد أشادت في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، منتصف الشهر نفسه، بما حققه العراق خلال السنوات العشرين الماضية، منذ أن جرى نشر بعثة الأمم المتحدة فيه لأول مرة، مشددة في الوقت نفسه على وجود تحديات كثيرة ما زالت تواجه البلد، ومنها الفساد، والانقسامات، والإفلات من العقاب، والتدخل غير المبرر في وظائف الدولة، والجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة.